البحث شعبية

أحداث - 03 سبتمبر, 2008

كلمة محمد بن راشد خلال إطلاقه مبادرة نور دبي

أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، اليوم، مبادرة "نور دبي" لعلاج مليون شخص مصابين بالعمى حول العالم، وذلك في كلمة ألقاها نيابة عنه سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم في قاعة إيرينا بمدينة جميرا في دبي. وفي ما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد؛ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين.

أهنئكم بشهر الخير والبركة والإيمان، وأسأل الله أن يعيننا على صيام الشهر وقيامه، وأن يمكّننا من أداء واجباته نحو أنفسنا وشعبنا وأمتنا وأخوتنا من بني الإنسان.

الأخوات والإخوة:
ها نحن في مطلع شهر الهدى والرحمة، نبدأ الرحلة الإيمانية السنوية الفريدة، التي يصل فيها الإنسان، بالصوم والصلاة والدعاء والصدقة وصلة الرحم وعمل الخير، إلى أعلى درجات التواصل مع المولى عزّ وجل.

شهر رمضان، هو بحق شهر كريم، وأكرم ما فيه هذا الصفاء، الذي يحل بالإنسان، ويمنحه فرصة مراجعة نفسه ومحاسبتها وسؤالها عمّا كسبت وعمّا فعلت، وما الذي تستطيع فعله ابتغاء مرضاة الله ورسوله، ومصلحة البلاد والعباد.

ومن فضل الله على أهل الإمارات أنهم يعيشون شهر رمضان بكل الإيمان والصفاء والتواصل والمحبة، يتنافسون في المعروف، ويتسابقون في الأعمال، التي تزيدهم تقرباً من الله سبحانه وتعالى، مؤكدين تواصل ميراث الخير فيهم من جيل إلى جيل.

أهل الإمارات مفطورون على حب الخير للناس جميعاً، يغيثون الملهوف، ويساعدون المحتاج، وينصرون المظلوم، ويحافظون على كرامات الناس، انسجاماً مع تعاليم الدين الحنيف في المساواة بين البشر، الذين خلقهم الله من ذكر وأنثى، وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وجعل التقوى معياراً وحيداً لمكانة الإنسان عند خالقه.

والتقوى كما تعلمون، ليست في أداء الفروض الخمسة فقط، إنما أيضاً في أداء فروض الحياة والعمل، فالدين هو المعاملة، وهو الإخلاص والأمانة والوفاء بالعهد، والصدق والإتقان وعفة اللسان، ونقاء السريرة وصنع المعروف، وخدمة الوطن والمجتمع والأمة، وحب الخير للناس كافة.

الأخوات والإخوة:
حينما أطلقت في شهر رمضان الماضي مبادرة "دبي العطاء"، كنت واثقاً من نجاحها، لكنني بصراحة لم أتوقع أن يفوق النجاح جميع التوقعات والتقديرات.

تذكرون أن هدف المبادرة المعلن كان توفير التعليم لمليون طفل في العام الواحد، مؤسسة "دبي العطاء"، التي لم تكمل عامها الأول، توفر التعليم اليوم لأربعة ملايين طفل في ثلاث عشرة دولة في آسيا وإفريقيا.

و"دبي العطاء" اليوم مؤسسة مرموقة تقدم الإسهام الأكبر في أهم أهداف الأمم المتحدة للألفية الثالثة وتجعل تحقيقه ممكناً.

وليس هذا وحسب، فقد باتت المؤسسة نموذجاً يحتذى على المستوى العالمي، باتت نموذجاً للعمل المبادر والجاد والمبتكر والمخلص.

هذا النجاح الكبير عزز مكانة الإمارات وشعبها على المستوى العالمي، وجذب إليها انتباه النخبة الدولية المتخصصة في التنمية عموماً والتعليم خصوصاً، وأكد قدرة الإمارات على إطلاق المبادرات العالمية الكبرى ووضعها موضع التنفيذ في وقت قياسي.

وهذا النجاح الكبير، أظهر عُمق الثقافة الوطنية الإماراتية، وقدرتها على التأثير في محيطها وعالمها، وفي ضيوفها المقيمين على أرضها، والذين شاركوا في دعم المبادرة وساهموا في نجاحها.

الإخوة والأخوات:
أنتم شركاء في هذا الإنجاز الكبير، وعائد هذا الإنجاز واصل إليكم بإذن الله أضعافاً مضاعفة، فالحسنة عند الله بعشرة أمثالها، والله لا يضيع أجر المحسنين.

إن أثر ما قدمتوه للمبادرة باقٍٍ صدقةً جارية تفيد ملايين الأطفال، وتفتح ملايين البيوت، وتنقل أجيالاً من حال إلى حال.

لقد كفيتم ووفيتم، شكراً لكم جميعاً، وشكراً للشباب والشابات القائمين على المؤسسة.

اليوم أيها الأعزاء، وفي مطلع شهر الهدى والفرقان، يسعدني أن أعلن عن مبادرة شخصية مني، تستهدف تخفيف آلام ملايين الأشخاص في منطقتنا وعالمنا، ممن تتوارى عذاباتهم خلف ضجيج الحروب والصراعات وأزمات الأسواق وأسعار الغذاء.

أنهم بشر مثلنا، لكنهم أقل حظا، يتألمون وينتظرون الفرج، ويحلمون بيد تخفف من عذاباتهم وتحيي الأمل في نفوسهم.. نحن لهؤلاء المنسيين، لن نتركهم وحدهم، سنقف معهم، ونتبنى قضيتهم، عسى أن تتحرك المياه الراكدة في دواليب المنظمات الدولية، وترقّ القلوب في الدول القادرة والثرية.

في عالمنا يا إخواني وأخواتي مئة وثلاثة وخمسون مليون شخص مهددون بالعمى الكلي أو الجزئي نتيجة أمراض العيون، تسعون بالمائة من هؤلاء يعيشون في الدول النامية، وكل دول منطقتنا العربية - الإسلامية في عِداد هذه الدول.

وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن خمسة وسبعين بالمئة من هؤلاء يملكون فرصة النجاة من العمى إذا توفرت لهم متطلبات الوقاية والعلاج، ومن دون تدخل حاسم ومباشر وسريع، فإن عدد المصابين بالعمى الكلي سيتضاعف في العام ألفين وعشرين إلى ستة وسبعين مليون شخص.
وتبدو الحاجة إلى الوقاية ملحة الآن، لأن أمامنا خطراً داهماً قد يطال نصف مليون طفل سنوياً مهددين بفقدان البصر جراء نقص التغذية، وبخاصة فيتامين أيه (Vitamin A)، كأنما المثل العربي "درهم وقاية خير من قنطار علاج" قد قيل خصيصاً لحماية هؤلاء الأطفال من العمى. لن أقف مكتوف اليدين أمام هذا الوضع الإنساني المؤلم.

أعلن أمام حضراتكم عن إطلاق مبادرة "نور دبي" هدية من دولة الإمارات للعالم، ومن أبناء الإمارات لإخوتهم في الإنسانية ممن هم في أشد الحاجة لمن يمنحهم الأمل بالحفاظ على نعمة البصر، ويقدم لهم العون والمساعدة، والذي كان فيه لصاحب السمو رئيس الدولة اليد الطولى في تخفيف وقع هذه الأزمة على دول شقيقة وصديقة.

مبادرة "نور دبي" غصن جديد في شجرة الإمارات الوارفة، التي تمتد ظلالها إلى الأشقاء والأصدقاء والمحتاجين وضحايا الكوارث الطبيعية في هذا العالم، وطموحات هذه المبادرة كبيرة جداً، تستهدف في رحلتها الأولى علاج ووقاية مليون شخص من العمى، ولكن حدودها تصل إلى تخوم عالم متحرر من أمراض العيون، وأطفال لا يتهددهم شبح فقدان نعمة البصر.

وكما حفزت "دبي العطاء" دولاً ومنظمات دولية على التحرك في مجال تعليم الأطفال، ستكون "نور دبي" إن شاء الله حافزاً لجهد دولي أكبر في مجال علاج أمراض العيون ووقاية الأطفال من العمى.

أشكركم، وأسأل الله أن يتقبل صيامكم وقيامكم، وأن يجعل التوفيق والنجاح حليفكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -  - محمد بن راشد يطلق حملة لكسوة مليون طفل محروم حول العالم الخبر التالي
11 يوليو, 2013

محمد بن راشد يطلق حملة لكسوة مليون طفل محروم حول العالم