مقابلات مع سـمـوه - 25 أبريل, 2010
حوار محمد بن راشد بمناسبة انعقاد مؤتمر سبورت أكورد 2010
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، أن الرياضة أصبحت مصدراً من مصادر العائدات الاقتصادية في دبي. جاء ذلك في حديث إعلامي أدلى به سموه بمناسبة احتضان دبي مؤتمر سبورت أكورد العالمي 2010، فيما يلي تفاصيله:
- سؤال: ما تقييم سموكم لدور الرياضة في الساحة المحلية، سواء على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة أو على مستوى إمارة دبي؟
- جواب: الرياضة تشكل محوراً مهماً واستراتيجياً من محاور التنمية في دبي، وذلك لأسباب عدة، أولها أن الرياضة أصبحت مصدراً من مصادر العائدات الاقتصادية، ليس فقط في دبي، ولكن على مستوى العالم أجمع، وهذا أمر واضح للعيان، فاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى في دبي تسهم في تعزيز مكانة الإمارة على المستوى الدولي، ومن ثم تشكل أحد مصادر الدخل الاقتصادي المهمة لها. فالمنشآت الرياضية عالمية المستوى وتجهيزات البنية الأساسية المتوافرة في دبي كانت من بين الأسباب الرئيسية التي رسخت مكانتها كوجهة عالمية حاضرة بقوة على أجندة الفعاليات الرياضية الدولية الكبرى.
ولكنني أود أن أقول إن اهتمامنا بالرياضة ينبع في المقام الأول من اهتمامنا بالحفاظ على صحة أبنائنا وتمسكنا بتراثنا الأصيل، فالحياة في هذا الركن من العالم كانت أصعب كثيراً فيما مضى وقبل دخول بلادنا في مرحلة النهضة الحضارية الجديدة، فالحياة آنذاك كانت تتسم بالحركة والحيوية والنشاط أكثر مما هي عليه اليوم. فقد ارتبطت حياتنا بالصحراء والبادية، ومع تنامي مظاهر المدنية الحديثة في بلادنا، وازدياد مستويات الرفاهية، عمّ الخير وساد البلاد، ولكن في الوقت نفسه، أصبح الناس أقل حركة ونشاطاً عن ذي قبل، ويمكن ملاحظة آثار ذلك في زيادة معدلات الإصابة بما يسمى بأمراض العصر، مثل السمنة المفرطة والسكري، وهي أمراض أصبحت للأسف متفشية حتى بين الأطفال، وهذا بالطبع أمر غير مقبول بكل المقاييس، لذا نحن ننظر إلى الرياضة كأحد السبل الفعالة للتغلب على تلك الظواهر الصحية السلبية.
أما من ناحية ارتباط الرياضة بتراثنا، فكما يعلم الجميع، فإن هناك رياضات اقترن اسمها بتاريخ بلادنا مثل الفروسية والرياضات البحرية المتنوعة، وأنا حريص على الإبقاء على تلك العادات والتقاليد الأصيلة؛ لذا فنحن نولي اهتماماً خاصاً بتلك الرياضات، في حين نشجع الانفتاح على مختلف أنواع الرياضات الأخرى. ومن الجيد أن نرى المدارس في دولة الإمارات وقد أخذت منحى تشجيع الرياضة وحفز الطلاب على الانخراط في الأنشطة الرياضية المختلفة، ولاشك في أن المنافسات الرياضية الكبرى تمثل حافزاً كبيراً في هذا الاتجاه، حيث إن مشاهدة مثل تلك المنافسات أو المشاركة فيها تمثل مصدر إلهام وتشجيع على ممارسة الرياضة والامتياز فيها، سواء للرياضيين أو المشاهدين.
- سؤال: في رأي سموكم، ما الأهمية التي تنطوي عليها استضافة دبي لمؤتمر سبورت أكورد؟
- جواب: نحن سعداء باختيار دبي لاستضافة مؤتمر سبورت أكورد كأول مدينة عربية تنال تلك الفرصة في منطقة الشرق الأوسط، وهذه الخطوة بلا شك تشكل لنا أهمية خاصة، كونها تؤكد جدارة دبي كمركز رياضي عالمي المستوى، واحتشاد هذه الكوكبة من قيادات المجتمع الرياضي الدولي على أرض دبي يفتح الباب لعقد شراكات جديدة، حيث سيتعرف الضيوف إلى منطقتنا بشكل أكثر قرباً، في حين سيتيح لنا اللقاء فرصة لتعلم المزيد عن مجالات تخصصهم، ولاشك في أن هذا الأمر سيمهد لاضطلاع منطقتنا بدور أكبر على ساحة الرياضة العالمية، فالرياضة كانت وستظل سبباً في كسر الحواجز بين الناس، وهذا المؤتمر لا يمكن استثناؤه عن تلك القاعدة.
- سؤال: من المعروف عن سموكم أنكم تمثلون قامة عالية في ساحة المنافسات الرياضية العالمية، وتحديداً في رياضة الفروسية، مع كونكم أحد أهم الفرسان في العالم وأيضاً واحداً من أهم مربي الخيول على المستوى الدولي، فهل لكم أن تحدثونا عن تلك الجزئية من حياة سموكم؟
- جواب: إن حب الخيل يجري في عروقي، فالخيل جزء لا يتجزأ من تراث بلادي وثقافتها، وأنا شغوف بركوب الخيل، والوقت الذي أمضيه بالقرب من الخيل من أسعد أوقات حياتي، والخيول مخلوقات تتسم بالنبل والوفاء، وكلما اقتربت منها كان تجاوبها أكبر معك، وزاد عطاؤها على مضمار السباق. فالخيل العربية الأصيلة جاءت من هذه الأرض، وهي ذاتها الخيول التي أثبتت تفوقاً واضحاً على أقرانها من أنواع الخيول الأخرى في العالم، لذا فعندما يحلّ أفضل الفرسان ضيوفاً على دبي بصحبة خيولهم للتنافس ضمن المسابقات المختلفة، التي تقام عليها، فهم في واقع الأمر يأتون إلى الموطن الأصيل للخيل، وهذه الرابطة مهمة جدا بالنسبة لي، وهي ذاتها الحافز الذي كان وراء تأسيس مضمار "ميدان"؛ أحدث مضمار لسباقات الخيول في دبي، هذا المشروع العملاق الذي يُعد دليلاً آخر على ارتباط إستراتيجيتنا التنموية بتراثنا وحضارتنا.
- سؤال: إذا ما تطرقنا إلى موضوع آخر، إلى أي مدى وصلت جهود دبي الرامية لاستضافة أولمبياد 2020؟
- جواب: أحب أو أوضح أننا حتى الآن لم نتقدم بطلب استضافة دورة الألعاب الأوليمبية 2020، فما نقوم به الآن هو تقييم جدوى تلك الخطوة، وذلك من خلال دراسات متعمقة ومفصلة لتحديد مستوى التكلفة المادية ذات الصلة، وكذلك تحديد مستوى العائدات المنتظرة من ورائها، وأيضاً الوقوف على مستوى قدرتنا على تلبية المعايير كافة المرتبطة باستضافة الألعاب الأوليمبية، وأود أن أؤكد أنه بغض النظر عن النتيجة والقرار الذي سنتوصل له في هذا الخصوص، فإن عملية التقييم التي تجرى حالياً تصب في مصلحة دبي، حيث إن هذا التقييم سيساعدنا في الوقوف على نقاط القوة التي نتميز بها، والتحديات التي يمكن أن تعترضنا في عديد المجالات، مثل وسائل النقل والمنشآت والتجهيزات السياحية، وكذلك المنشآت الرياضية، وغيرها من المكونات المرتبطة باستضافة مثل هذا الحدث الرياضي الضخم، ولا شك في أن عملية التقييم الشاملة تلك سوف يكون لها أثرها الإيجابي البالغ حتى وإن كان القرار الأخير بعدم التقدم بطلب استضافة الألعاب الأوليمبية 2020.
- سؤال: إذا ما نظرنا إلى ما اجتمع لديكم من معلومات حتى الآن، هل تعتقد سموكم أن دبي قد يحالفها الحظ في استضافة الألعاب الأولمبية؟
- جواب: لدينا الكثير من المميزات الحقيقية في دبي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر البنية الأساسية المتطورة، والسجل الحافل بالنجاحات فيما يخص استضافة دبي للفعاليات الرياضية الكبرى، وإن كانت على ضخامتها لا ترقى إلى حجم الألعاب الأوليمبية نفسه. وإذا ما نظرنا إلى المعايير والقيم الأوليمبية، فإن دبي تحتضن بين جنباتها جنسيات مختلفة وثقافات متعددة تتعايش جميعها في تناغم ووئام، في نموذج قلما نجده في أي مكان آخر من العالم، فدبي تتميز بثقافتها الخاصة، التي تقوم في جوهرها على الإيمان العميق بالقدرة على الإنجاز وتحقيق الوعود مهما بدت صعوبتها.
ولكن علينا أيضاً ألا نطلق لخيالنا العنان وأن نكون واقعيين، فمناخ دبي خلال أشهر الصيف وما هو معروف عنه من قيظ الحر وارتفاع درجات الحرارة وزيادة مستوى الرطوبة، عوامل مناخية قد تمثل هاجساً مؤرقاً للرياضيين، لذا من الضروري أن نكون أمناء مع أنفسنا، وأن نقيم الوضع العام بموضوعية كاملة بكل ما فيه من مميزات القوة أو تحديات صعبة، ولكني أؤكد أننا ما إذا حسمنا أمرنا وقررنا التقدم بطلب استضافة الألعاب الأوليمبية فلن يكون ذلك القرار إلا بناء على يقين من جانبنا بقدرة دبي على الفوز، فنحن لا نقدم على مثل تلك الخطوة إلا إذا كنا على ثقة كاملة ويقين راسخ بقدرتنا على الوفاء بكل ما تمليه علينا من التزامات.