مقابلات مع سـمـوه - 18 أبريل, 2009
حوار محمد بن راشد مع الصحفيين
وفيما يلي نص حوار سموه مع الإعلاميين:
الإخوة والأخوات الصحافيين..
بدايةً أشكر الإخوة والأخوات الصحافيين، وأقدر حرصهم على التواصل معي عبر الموقع الرسمي لرئيس الوزراء، هذه هي المرة الثانية التي أجيب فيها عن أسئلتكم إلكترونياً؛ المرة الأولى كانت قبل ثماني سنوات، وأعترف لكم أن هدفي آنذاك من الحوار مع زملائكم إلكترونياً كان لإثارة اهتمام أبناء وطني ومجتمع الإمارات بالإنترنت. في ذلك الوقت كان استخدام الاتصال عبر الشبكة محدوداً جداً، وكانت الإنترنت معروفة لخاصة الخاصة، لكن استخدامها والنفاذ إليها في الإمارات اليوم بات من تقاليد العمل في الحكومة والقطاع الخاص، وباتت لشرائح واسعة من المجتمع، بخاصة الشباب، وسيلة المعرفة والترفيه والاتصال المفضلة، ووفق أحدث التقارير الدولية، فإن الإمارات تقود المنطقة في مجال الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات، متصدرةً جميع دول الشرق الأوسط.
وقد اخترت اليوم اللقاء بكم عبر الموقع، لأن صحفاً عديدة طلبت خلال الأشهر الأخيرة إجراء حوار معي، ولم تكن مشاغلي تسمح بتلبية هذه الطلبات، ووجدت أن اللقاء عبر الموقع يتيح لمن يرغب توجيه الأسئلة التي يريد، وفعلاً تلقيت منذ الإعلان عن اللقاء مئات الأسئلة من صحف محلية وعربية عدة، وها أنا أجيب عنها، وأعتذر مقدماً للإخوة والأخوات الذين لن أجيب عن بعض أسئلتهم، التي سبقهم في طرحها زملاء آخرون، ويستطيعون أن يعتبروها أسئلتهم.
أما أسئلة أبنائي وأخواني المواطنين، والأسئلة الموجهة من غير الصحافيين، فسأجيب عنها في يومٍ آخر، سيتم الإعلان عنه قريباً.
أسئلة من شفيق الأسدي - صحيفة "الحياة" - لندن
أهنئكم أولاً باسم صحيفة "الحياة" على إطلاق موقعكم الالكتروني للتواصل مع الصحافة والإعلام. وإذا كان ذلك يدل على شيء، فإنه يؤكد مدى الانفتاح والشفافية التي تتمتع بها سياسة سموكم، وهي السياسة التي تنسجم مع السياسة العامة لدولة الإمارات، وتشكل أساساً للنهج الديمقراطي المتميز وتجربة متفردة على المستويين الإقليمي والعالمي.
أتوجّه لسموكم بعدد من الأسئلة، وسأكون أنا والصحيفة في غاية الشكر والامتنان لسموكم في الإجابة عنها، واعذروني على الصراحة في طرح الأسئلة لأن الهدف هو المساهمة في الرد على الحملة التي تتعرض لها دبي في ضوء الأزمة المالية العالمية.
السؤال الأول: سمو الشيخ: تتعرض دبي، وهي صاحبة التجربة المتميزة على الصعيدين العربي والعالمي، لحملة واسعة تشكك في تجربتها التنموية والنهضوية الشاملة في ضوء الأزمة المالية العالمية. كيف تنظرون إلى هذه الحملة ودوافعها وكيفية التعامل معها؟
أنا لا يزعجني النقد أو الحديث عن السلبيات، فإذا كان النقد موضوعياً استفدنا منه، وإذا كانت السلبيات موجودة عالجناها، ولكن في أشهر ما بعد الأزمة المالية العالمية بعض ما كتب لم يكن نقداً أو إشارةً لسلبيات، كان "قصفاً إعلامياً" يستهدف دولة الإمارات كنموذج لدولة اتحادية عربية ناجحة ومزدهرة، ويستهدف دبي بنموذجها التنموي وإنجازاتها ومكانتها العالمية، ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام الغربية المرتبطة بدوائر أعمال دولية اعتمدت منهجاً متعمداً يستهدف صرح الدولة الاتحادي ونموذج دبي التنموي، وكانت تقاريرها السلبية عن دبي يوميةً تقريباً، كأنما كانت في سباق مع الزمن لإلحاق الأذى بدولة الإمارات.
أما عن دوافع الحملة، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بالنوايا، لكن يبدو أن نجاح العربي، سواء كان فرداً أو دولة أو مدينة أو شركة، ذنب لا يغتفر عند البعض، ويبدو أن البعض ينزعج من ولادة صورة عربية مغايرة لصورهم النمطية المشوِّهة للعربي والدول العربية.
يا أخي، نموذجنا ليس أعلى برج في العالم، وأحسن مطار، وأفخم فندق، وأكبر ميناء وجزر صنعها الإنسان، هذه معالم ومنشآت مهمة وفريدة من نوعها وشهيرة على مستوى العالم، نموذج دبي يكمن في أنها منطقة عربية شحيحة الموارد الطبيعية، تمتلك رؤية واضحة لمتطلبات التنمية الشاملة والنهضة، ونجحت في استثمار مواردها البشرية وموقعها الجغرافي وخبراتها التجارية في تحقيق التنمية بمعدلات قياسية، وفي توسيع قنوات التواصل بين الشرق والغرب، وفي إثبات إمكانية تعايش أبناء الثقافات المختلفة معاً في بيئة عربية إسلامية منفتحة ومتسامحة.
ونموذجنا، الذي هو جزء من نموذج دولة الإمارات، يكمن في النجاح في تنويع الاقتصاد، وفي إثارة اهتمام المنطقة العربية والجوار بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحكومة الإلكترونية واقتصاد المعرفة، وفي تسهيل وصول أبناء المنطقة إلى أفضل الممارسات العالمية والخبرات الدولية في مختلف المجالات عبر المعارض والمؤتمرات والأنشطة الأخرى، وفي إثبات جدوى الاستثمار في المنطقة وفي المعرفة وفي الإنسان، وفي رفع توقعات أبناء المنطقة إلى مستويات الإدارة الحكومية الرشيدة والشفافة، وجودة الخدمات العامة وكفاءة البنى التحتية، وفي توخي أعلى المستويات الدولية في التعليم والخدمات الصحية، وفي اقتحام مجالات استثمارية في أصول عالمية كالموانىء والمطارات والأسواق المالية، وغيرها، والنجاح في بناء مركز مالي عالمي ودخوله في شراكات مع مؤسسات عالمية ذات عراقة وشهرة وتأثير، وفي المنافسة عالمياً في مجالات النقل الجوي والبحري، وفي مبادرات العمل الخيري التنموي في الدول الأقل حظاً.
هذه بعض ملامح نموذج دبي، الذي جذب انتباه العالم، واستقطب اهتمامات المنطقة العربية وأبنائها، وألهم الكثيرين وشحذ هممهم. هل هذا النموذج هو المستهدف؟ سؤال طرحته على نفسي وإخواني، ولا أنتظر له جواباً، لأننا اعتدنا في الإمارات على الإجابة بالعمل لا بالقول، ونحن ماضون في طريقنا، متوكلين على الله ومعتمدين على عقول وسواعد أبنائنا ورجال أعمالنا والمؤمنين بدبي، وهم كثيرون.
نموذج أبوظبي مستهدف أيضاً من بعض الدوائر، فهي تقود اتحاداً عربياً ناجحاً، وطرحت مبادرات ذات طبيعة إستراتيجية بالغة الأهمية كمدينة "مصدر". هل قرأت عمّا كتب في بعض وسائل الإعلام الغربي عن اهتمام أبوظبي بمتحف "اللوفر" والمتاحف الأخرى؟ وهل تناولوا مبادرة إيجابية من دون أن يقحموا صورهم النمطية عن العربي وعن الخليجي؟ اليوم التركيز على دبي، لكن لن يستثنوا نموذجاً عربياً ناجحاً، ولن يفوتوا فرصة تلوح لتناوله بسلبية مماثلة للسلبية التي تناولوا بها دبي، وهنا أشير إلى بعض الإعلام الغربي، وليس كل الإعلام الغربي، وقد طالعنا في وسائل إعلام غربية معالجات متزنة لتأثيرات الأزمة على الإمارات ودبي.
السؤال الثاني: سمو الشيخ: الحملة تتركز على إعطاء إشارات إلى أن دبي تواجه أزمة اقتصادية تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً، فما هو التأثير الفعلي للأزمة على دبي اقتصادياً واجتماعياً؟
لا، الحملة ذهبت إلى مدى أبعد مما أشرت إليه، كاتب أمريكي معروفة اتجاهاته كان همه مثلاً أن يروّج إلى أن تجربة دبي في تعايش الثقافات لم تنجح، وذهب إلى حد القول إن "دبي مدينة فصل الحضارات لا لقاء الحضارات"، وقد وصل إلى هذا الاستنتاج استناداً إلى أن دبي تعاقب الذين يخدشون الحياء على الشواطىء العامة.
أما الإشارات إلى أن تبعات الأزمة العالمية على دبي تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً، فهي إشارات عن "أمنيات" البعض أو أوهامهم، وليس عن حقائق الواقع، الأسس الاقتصادية والتنموية قوية وراسخة، ولو لم تكن كذلك لما تمكنا من التعامل بكفاءة عالية مع تبعات الأزمة المالية العالمية، أضف إلى ذلك أن دبي ليست طائراً يغرد منفرداً، إنها عضو في سرب دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو سرب قوي ومعافى وناجح وقادر على مواجهة أصعب التحديات.
السؤال الثالث: تتحدّث الأطراف المتورطة في الحملة الإعلامية على دبي عن "تفجر الفقاعة"، التي طالما تحدثوا عنها سابقاً، فماذا تقولون لأصحاب هذا القول؟
قلت سابقاً إن حديث "الفقاعة" أسمعه منذ تفتح وعيي على الدنيا، وهي موجودة فقط في عقول الذين يرددونها وغالباً لا يعرفون معناها، وقد انفجرت هذه الفقاعة في عقول مردديها أكثر من مرة، لا بأس لمن يرددها مجدداً، ستبدي له الأيام ما كان جاهلاً، وسيأتيه بالأخبار ما لم يزود.
نحن بخير، وقد عبرنا الأزمة بأقل قدر من الخسائر، وفي ثقافتنا نقول: تفاءلوا بالخير تجدوه، لذلك اعتدنا على النظر أولاً إلى جزء الكوب الممتلىء بالماء، وحين ننظر إلى الجزء الفارغ، لا نتحسر على الفراغ، بل نفكر في أفضل وأسرع السبل المؤدية إلى ملئه
السؤال الرابع: إذا وضعنا الحملة الظالمة، التي تتعرض لها دبي خلف ظهورنا، كيف تنظرون سموكم للخروج من الأزمة الراهنة؟
الأزمة العالمية بلغت ذروتها في شهري سبتمبر وأكتوبر من العام الماضي، وكان وقعها شديداً على العالم بأسره، وولدت حالة من الذعر في دول الاقتصاديات المتقدمة.
في ذلك الوقت كان طبيعياً أن يكون وقع الأزمة على المنطقة شديداً جداً، بخاصة وأن غموض عمق الأزمة المالية في أمريكا وبقية مجموعة الدول السبع، أدى إلى شلل الائتمان الدولي، وتوقف العمليات بين البنوك، وتعليق الاعتمادات المتبادلة، وتجميد عمليات الإقراض.
مرحلة الذعر هذه انتهت، بخاصة بعد تدخل حكومات دول الاقتصاديات الكبرى لتنظيم قطاعاتها المصرفية والمالية، وقيامها بتخصيص مبالغ ضخمة لإنعاش اقتصادها، وهذا ما مكن القمة الثانية لمجموعة العشرين في لندن، قبل أيام، من الاتفاق على حزمة من القرارات والإجراءات الهادفة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتنظيم الأسواق الدولية.
بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أقول باطمئنان: إننا نجحنا في احتواء مخاطر الأزمة المالية العالمية في فترة قياسية، نتيجة حسن سياسات المصرف المركزي، وإجراءات الحكومة بتأمين السيولة للمصارف وحماية الودائع، والإجراءات الأخرى على المستوى المحلي، مثل ضخ حكومة أبوظبي سيولة إضافية للمصارف المؤسسة في الإمارة، وإصدار حكومة دبي لسندات بقيمة 20 مليار دولار.
انتهاء حالة الذعر في دول الاقتصاديات المتقدمة، ودخولها في مرحلة علاج آثار الأزمة، وقرارات قمة العشرين الثانية، أشاعا درجة مهمة من الارتياح والتفاؤل على مستوى العالم، وهذا تطور مهم ينعكس إيجاباً على دول العالم كافة، بما فيها دولة الإمارات، التي تتمتع أساساً باقتصاد متنوع وقوي ومتعدد الإمكانيات.
السؤال الخامس: اتخذت الحكومة الاتحادية إجراءات سريعة للتعامل مع الأزمة، غير إن الكثير من المراقبين يقول بأن هذه الإجراءات غير كافية لخروج الإمارات، وخصوصا دبي، من الأزمة؟
الإجراءات التي اتخذناها في الحكومة الاتحادية كانت فعلاً سريعة وفعالة، لكنها أيضاً كانت مدروسة وتلبي احتياجات مواجهة وتجاوز الآثار السلبية للأزمة العالمية، وقد قلت إن اقتصادنا انتقل من منطقة الأزمة إلى منطقة الحل.
بطبيعة الحال، نحن نتابع أوضاعنا وتطورات قطاعات اقتصادنا عبر هيئات متخصصة اتحادية ومحلية، كما نتابع التطورات في الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية، وكل المؤشرات والحمد لله إيجابية وتدعو إلى التفاؤل، وإذا استدعت التطورات مستقبلاً إجراءات إضافية فسنقدم عليها.
السؤال السادس: طرحت دبي سندات بقيمة 20 بليون دولار، وسارع مصرف الإمارات المركزي إلى الاكتتاب بها بمبلغ 10بلايين دولار، الأمر الذي فُسِّر على أنه مساعدة من أبوظبي لدبي للخروج من الأزمة. كيف تقيِّمون هذا الإجراء، الذي أقدم عليه مصرف الإمارات المركزي؟ وماذا عن الشق الثاني من السندات؟
يبدو أن كثيرين لا يدركون حقائق الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حسناً، أنا أرحب بهذا التفسير، لأنه يؤكد عمق وتجذّر الروابط بين إمارات الدولة، فضلاً عن أنه يؤكد قوة مصرفنا المركزي وثقته الكبيرة باقتصاد دبي.
نحن أصدرنا سندات بعشرين مليار دولار، وطرحنا نصفها للاكتتاب، واكتتب المصرف المركزي بكامل المبلغ، وندفع عليها فائدة سنوية بنسبة 4%، وما طرحناه يلبي احتياجاتنا في هذه المرحلة، وعند الحاجة سنطرح الشق الثاني في حينه، وهو محل اهتمام جهات عديدة.
السؤال السابع: كثر الحديث عن أن دبي ستبيع بعض شركاتها، وأن أبوظبي ستكون شريكاً لدبي في الكثير من المشاريع القائمة أو التي تحت التنفيذ، ما هي الحقيقة في هذا الأمر؟
هذا الحديث يندرج في الإشاعات والتكهنات، التي تحولت إلى أخبار في صحف دولية مرموقة، يا أخي بين أبوظبي ودبي لا يوجد بيع وشراء، كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات، وأحيلك إلى حديث صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في مارس الماضي، قال سموه في هذا الخصوص: "أعتقد أن هناك سوء فهم ومبالغة في تقدير انعكاسات الأزمة علينا، كما أن هناك تفسيرات خاطئة حول طبيعة العلاقة التي تربط الإمارات الأعضاء في الاتحاد، فنحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك، وبالنسبة إلى الإجراءات التي تُتخذ، سواء على صعيد الاتحاد أو على صعيد كل إمارة، لمعالجة الأزمة، فإنها إجراءات معلنة وواضحة ولا حاجة لإطلاق التوقعات بشأنها".
السؤال الثامن: سمو الشيخ: هل تشعرون بأي تهديد يطال دبي نتيجة الأزمة الحالية؟
لم نشعر لا في ذروة الأزمة المالية ولا الآن بأي تهديد، الأسوأ مرّ وصار وراءنا، ومنذ اشتعال الأزمة لم يعلن مصرف أو شركة حكومية الإفلاس، ولم ينكسر أي من قطاعات الاقتصاد، وننفذ خططاً وبرامج عمل تستفيد من دروس الأزمة وتكفل التعافي من آثارها السلبية.
السؤال التاسع: حدثت في الآونة الأخيرة عمليات اغتيال في دبي تطرح بشكل جدي موضوع الأمن فيها، وإذا كان يُسجل للأمن في دبي سرعة اكتشاف مرتكبي هذه العمليات، فماذا تقولون بشأن الردّ على الأقوال، التي تقول إن منع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق أولاً؟
بالطبع، الوقاية خير من العلاج، ومنع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق، عادة ما يسمع الناس عن إجراءات العلاج، لكنهم لا يسمعون عن إجراءات الوقاية، جرائم الاغتيال التي حدثت في دبي في الأشهر الأخيرة يقل عددها عن نصف عدد أصابع اليد الواحدة، وهذا ليس تقليلاً من خطورتها، إنها الاستثناء الذي يؤكد القواعد الراسخة، والأساس أن دولة الإمارات العربية، بما فيها دبي، هي من أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن أجهزتنا المختصة تولي الإجراءات الوقائية أهمية قصوى.
في كل الأحوال، معدل الجرائم في دولة الإمارات هو من أقل المعدلات في العالم، ونعمل على أن يظل كذلك، ولا يغير من هذه الحقيقة سعة انتشار أخبار جريمة أو جريمتي قتل بسبب شهرة المغدور بهما.
السؤال العاشر: مع وطأة الأزمة المالية العالمية على دبي، يلاحظ استمرار الأنشطة الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية بجوائزها المالية الضخمة، فما هو تفسيركم للاستمرار في هذه الأنشطة في دبي؟
هذه الأنشطة قُررت في أوقات سابقة للأزمة، وبعضها دوري يقام سنوياً، مثل كأس دبي العالمية للخيل ومنتدى الإعلام العربي وجائزة الصحافة العربية، وبعضها بدأ دورته الأولى، مثل مهرجان الشعر العالمي، فما الغريب في استمرار هذه الأنشطة؟
الغريب هو ألا تستمر، أما مبالغ الجوائز فلم تتغير عن المعروف والمعلن سابقاً، هل تلمح في سؤالك إلى أن هذه الجوائز باتت عبئاً على دبي؟ إذا كان الأمر كذلك، فأطمئنك إلى أننا بخير، ومشاريعنا تحت التنفيذ لم تتوقف، وأقساط القروض والسندات دفعت وتدفع في مواعيدها، والموردون والمقاولون بدؤوا في استلام مستحقاتهم.
السؤال الحادي عشر: يتم التركيز في ضوء هذه الأزمة على قيام الشركات العاملة في دبي، ومعظمها تحت مظلة "دبي القابضة"، بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها والعاملين فيها، فماذا تم في هذا المجال؟ وماذا عمّا يتردد بأن حملة إنهاء خدمات الموظفين والعاملين ستبلغ ذروتها في الأشهر المقبلة؟
بعد الأزمة المالية العالمية، بادرت كل الشركات الكبرى في العالم إلى مراجعة أوضاعها ومشاريعها ومواردها ونفقاتها، وإعادة هيكلة إداراتها وكادرها على ضوء الوقائع الجديدة، "دبي القابضة" ليست استثناءً، وشركاتها تعمل على أسس تجارية، ومن الطبيعي أن يتم الاستغناء عن الموظفين الذين لم تعد لهم وظائف أو مهام، ولا توجد حملة ولا ذروة في الأشهر المقبلة أو بعدها أو قبلها، العملية تنظيمية صرفة.
السؤال الثاني عشر: تعرضت دبي لحملات إعلامية تقول إن إنهاء خدمات الموظفين تركز على جنسيات عربية محددة، فما هي حقيقة الموقف؟
أيضاً هذا من قبيل الإشاعات التي تحوّلت إلى أخبار في وسائل الإعلام، ربما يكون نشاط معين تأثر أكثر من غيره بالأزمة، مثل نشاط العلاقات العامة والإعلان، وصدف أن إحدى الجنسيات العربية تتواجد بكثافة في هذا النشاط، أو يكون قطاع شهد مراجعة واسعة كقطاع المقاولات، وصدف أن نسبة كبيرة من مهندسي الشركات المتأثرة كانوا من جنسية معينة. أبداً لا تركيز على أية جنسية عربية أو غير عربية.
السؤال الثالث عشر: قمتم في الأيام الأخيرة بزيارة لروسيا الاتحادية، وكان ذلك استمراراً لزياراتكم للدول ذات الثقل الاقتصادي على المستوى العالمي، وكانت آخرها ألمانيا والصين، فهل ترون أن هذه الزيارات ما زالت مجدية في ضوء الأزمة الراهنة؟ وهل ستستمر مستقبلاً؟ وما هو الهدف منها؟ وماذا حققت زيارتكم الأخيرة لموسكو؟
هذا سؤال غريب، الأزمة المالية العالمية أزمة عابرة، وعلاقاتنا مع دول العالم، بخاصة ذات الثقل الاقتصادي، هي علاقات دائمة، ومن واجبنا السعي لتنميتها وتطويرها، وفي أوقات الأزمات ذات الأبعاد العالمية تزداد الزيارات الخارجية أهمية لتبادل الرأي والتشاور حول التطورات العالمية وتعزيز التعاون الثنائي، بخاصة وأن المشهد الدولي يمرّ بمخاض من شأنه أن ينتج نظاماً عالمياً اقتصادياً وسياسياً جديداً.
السؤال الرابع عشر: هل تعتقدون أن الأزمة الراهنة تفرض إجراء تغييرات على المستويين المحلي في دبي وعلى المستوى الاتحادي في دولة الإمارات؟ خصوصاً مع إشاعات بأن تغييراً وزارياً يتم الإعداد له حالياً؟
بطبيعة الحال، واقع ما قبل الأزمة العالمية هو غير الواقع بعدها، وكل من لا يستوعب الواقع الجديد ويتفاعل معه بإيجابية لما فيه مصلحة الوطن والمواطن يكون مقصراً، وها أنت تعود وتسألني عن إشاعات تتعلق بتغيير وزاري يعد له حالياً، أنت بنفسك تقول إشاعات!
السؤال الخامس عشر: العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي يقولون "إن لا خوف على دبي مهما كان وقع الأزمة عليها"، لأنها تستند في نهاية الأمر إلى القوة المالية لأبوظبي، التي تمتلك أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، ماذا تقولون في هذه المسألة؟
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي لا يختصرون العلاقات بين الإمارتين في الحسابات المالية، المال تفصيل صغير في حقيقة أكبر وأسمى، عمقها محتد واحد وقربى ونسب، وجوهرها صرح الدولة الاتحادية، الذي كانت لبنته الأولى في "السميح" حين التقى الشيخان المؤسسان؛ زايد وراشد في 18 فبراير 1968، وأصدرا بيانهما التاريخي باتفاقهما على إقامة اتحاد فدرالي بين أبوظبي ودبي، ودعيا إخوانهما حكام الإمارات للانضمام إلى الاتحاد، هل تعرف معنى وقفتنا قبل أيام مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في "دار الاتحاد" تحت علم الاتحاد؟ وفي المكان نفسه الذي وقف فيه الشيخان المؤسسان زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات يوم الإعلان عن قيام دولتنا واتحادنا، هل تقدر مشاعرنا في تلك اللحظة؟ هذه أشياء لا تقدر بمال الدنيا.
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي والإمارات كافة في إطار الدولة الاتحادية، يعرفون أنها خيار الحكماء العقلاء الأحرار، الذين تهديهم قلوبهم إلى الأشياء الأصلية التي تنفع الناس وتبقى في الأرض، وهم من صنف الناس الذين قال عنهم المولى عزّ وجلّ: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وأحيلك مجدداً إلى ما قاله أخي الشيخ خليفة: "نحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي متماسك ".
أسئلة من مات سلاتر- صحيفة "ذي ناشيونال "
السؤال الأول: أبدى المجلس الوطني الاتحادي ملاحظات تشير إلى أن الحكومة لا تهتم برأيه، وأنه في الحقيقة يملك قوة قليلة، ما الدور الذي تراه للمجلس الوطني في عملية صنع القرار؟ وبأية طريقة يمكن أن يتطور مستقبلاً؟
أنا أتلقى دائماً شكر المجلس على تعاون الحكومة، ولم تصلنا أي ادعاءات بتجاهل الحكومة لآراء المجلس، ولطالما عبرنا عن تقديرنا لدور المجلس في عملية صنع القرار. كل مشاريع القوانين تعرض على المجلس، ودائماً ما تضيف مناقشاته لهذه المشاريع، ويناقش المجلس الوزراء في سياسات وأداء وزاراتهم، ويوجه لهم الأسئلة ويجيبون عنها ضمن المهل المحددة.
نحن نؤمن بأهمية المجلس، ونحترم دوره الفعال في مسيرة الدولة منذ تأسيسها، ودوره في تطور مستمر، ودورته الحالية سجلت بداية لتغيير طريقة اختيار الأعضاء، فلأول مرة تم تشكيل جمعيات انتخابية في الإمارات، قامت بانتخاب نصف أعضاء المجلس، وحرصنا على المشاركة الفعالة للمرأة في عضوية المجلس، وتبلغ نسبة العضوات 22% من عدد أعضاء المجلس، وهي من أعلى النسب في العالم.
في كل الأحوال، منذ تأسيس الاتحاد اخترنا نهج التدرج، نحن في دولة الإمارات لا نعمل بأسلوب حرق المراحل، وتنظيماتنا وإجراءاتنا تتوافق مع واقعنا وخصوصيتنا، وشعبنا سعيد بهذا النهج، ويلمس نتائجه في الازدهار والاستقرار.
أنا أعرف ما تردده بعض التقارير الأجنبية في تناولها للديمقراطية في الإمارات، كُتّاب هذه التقارير يقيسون على أساس مرجعياتهم الفكرية والحضارية، وتجارب وخبرات بلدانهم، التي يزيد عمر بعضها على ثلاثمائة سنة، أسهل شيء إجراء انتخابات عامة، ووضع صناديق اقتراع، ونشر صور وكلام كبير عن الديمقراطية، لكن القيادة لا تبحث عن الشهرة، ولا تستورد نماذج جاهزة قد تكون صالحة لمجتمعات أخرى لكنها بالتأكيد لا تصلح لمجتمعنا.
قبل أشهر احتفلنا بالعيد الوطني السابع والثلاثين، هل تعرف كيف كانت أوضاعنا قبل ذلك الوقت؟ هل لديك فكرة عن حال التعليم ونسبة الأمية والبنى التحتية والخدمات العامة؟ هل تعرف تفاصيل بنيتنا الاجتماعية كيف كانت وكيف تطورت؟ اليوم - وبعد الإنجازات الضخمة في المجالات كافة – نسير، ومعنا شعبنا، بوعي وثقة في مرحلة التمكين؛ التمكين الاقتصادي والإداري والنسائي والثقافي، وكذلك في التمكين السياسي، وكانت الانتخابات النصفية لأعضاء المجلس الوطني خطوة مهمة جداً في التدرج نحو ما يرتضيه شعبنا ويحقق مصالح وطننا.
السؤال الثاني: قضايا حقوق العمال والاتجار بالبشر ما زالت تؤثر في صورة دولة الإمارات في الخارج، وبينما توجد سياسات واضحة تتوخى أفضل المعايير الدولية في هذا المجال، فإن المعدل الفعلي لمحاكمات المعتدين على الحقوق في هذه القضايا يبدو منخفضاً، ماذا فعلتم لمعالجة هذا الوضع؟
أريدك أن تطالع نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، وأن تطالع التقارير الدولية التي تشير إلى التطور الكبير في تعاطي دولة الإمارات مع هاتين القضيتين، وحتى التقارير الدورية لوزارة الخارجية الأمريكية تعترف بهذا التطور، وبخاصة في موضوع الاتجار بالبشر.
نحن نهتم بحقوق العمال وبضمان حرية الإنسان، ليس لنفوز برضا التقارير الدولية، ولكن لأننا حريصون على تعزيز حقوق الإنسان وتجذير قيم العدالة والتسامح، وتقديم نموذج للدول العربية والإسلامية، التي تتمسك بإطارها الديني والثقافي، وتتفاعل مع المجتمع الدولي بكل الاحترام والتعاون.
ديننا الحنيف وقيمنا وأخلاقنا لا تقبل بهضم حقوق الإنسان، أياً كان وضعه ونوع عمله وأصله وجنسه ودينه، نحن بطبيعتنا ننفر من الظلم، ونتعاطف مع المحتاجين والمنكوبين، ومؤسساتنا الخيرية تنشط في عدد كبير من الدول الأقل حظاً، ولا نقبل أن تهدر كرامة شخص واحد، رجلاً كان أم امرأة.
أما عن عدد القضايا المعروضة على القضاء في هذا المجال، فهي تعكس الواقع، ولو أحصيت عدد القضايا التي نظرتها المحاكم، لوجدت أنها من أعلى النسب في العالم قياساً لعدد السكان.
السؤال الثالث: رئيس الوزراء حاكم دبي نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسس جودولفين، ورياضي وشاعر، كيف توفق بين أدوارك السياسية وغير السياسية؟ وماذا تفعل للترفيه عن نفسك؟
اليوم فيه 24 ساعة؛ أي 1440 دقيقة؛ أي 86400 ثانية، هذا وقت كافٍ للعمل وممارسة الهوايات والرياضة، هذا إذا كنت تحترم الزمن وتحسن تنظيم وقتك، ومن يستمتع بعمله كأنما أضاف خمسة أيام للأسبوع، وأنا أستمتع بعملي، الذي هو رسالتي في الحياة (خدمة وطني وشعبي)، وتزداد متعتي وأنا ألمس تقدم وازدهار وطني وشعبي، ثم أنا لا أعمل منفرداً، ففي كل أعمالي ومهامي لدي فريق عمل أقوده وأوجهه وأدربه وأشجعه وأعتمد عليه، في داخل كل إنسان ينبوع لا ينضب من القدرات الكامنة، لكن لا يوجد إنسان غير محدود القدرات، المهم معرفة القدرات والكشف عنها وحسن استخدامها.
أما كيف أرفه عن نفسي، ففي البر والبحر مع أفراد أسرتي ومع كتاب، فضلاً عن ممارسة رياضة ركوب الخيل، حبي للخيل جزء من كياني وتاريخي وأصله الأول خرج من أرضي.
السؤال الرابع: كيف ستتعاون الحكومة الاتحادية وحكومة دبي لإعادة قيادة النموذج الاقتصادي، ومواجهة ما تتوقعه اقتصاديات عدة، وهو انخفاض دائم للائتمان المتاح في أسواق رأس المال العالمية؟
سواء انخفض الائتمان المتاح عالمياً أو لم ينخفض، فإن نموذجنا الاقتصادي مستقر ويتطور في السياقات التي حددناها في وقت سابق، احتياجات دبي للائتمان تتجه أصلاً للانخفاض، فقروض دوائر الحكومة، وهي متواضعة قياساً إلى حجم الاقتصاد، هي استثمارات في البنى التحتية، وليست نفقات جارية، ومعظم مشاريع البنى التحتية ذات طبيعة إنتاجية، مثل قطار دبي، المطار، وتوسعات توليد الطاقة، أما قروض الشركات الحكومية، فهي ذات طبيعة تجارية صرفة، وحساباتها تستند إلى قاعدة تكلفة القرض وعائد الاستثمار، والأزمة المالية العالمية أثرت في سيولة الشركات ليس إلا، وهو تأثير مؤقت، ولدينا الوسائل الكافية لتوفير السيولة الضرورية.
ثم إن اقتصاد دبي هو جزء من اقتصاد الإمارات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعاطي معه باعتباره اقتصاداً مستقلاً، وسأعطيك مثالاً واحداً: نقول مصارف أبوظبي ومصارف دبي ومصارف الشارقة، هذه أقوال مجازية، والتعريف يتصل بموقع المقر الرئيسي فقط، لأن كل المصارف تعمل في الإمارات كافة، وتخضع جميعها لسياسة مالية ونقدية واحدة يشرف عليها جهة واحدة هي المصرف المركزي.
على أي الأحوال، القروض متوفرة دائماً، وحتى بعد الأزمة بأشهر قليلة كانت متاحة، لكن ليس كل متاح مرغوباً، فالمسألة تخضع لحسابات مالية دقيقة، ولمعادلات الجدوى والتكلفة والعائد.
أسئلة من سلمان الدوسري - صحيفة "الشرق الأوسط" - لندن
السؤال الأول: قضية التركيبة السكانية تؤرق المواطنين في الإمارات، كما تؤرقكم بكل تأكيد، أعلنتم عن مبادرات بهذا الشأن، وكشفتم عن عدد قليل منها، هل لكم أن تكشفوا لنا عن المزيد من هذه المبادرات؟
مسألة التركيبة السكانية مهمة لتشعبها وتداخل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد حدد صاحب السمو رئيس الدولة سياستنا في هذه المسألة، بأننا ننظر إلى التركيبة السكانية من منظور إيجابي يجسد قدرة شعبنا ودولتنا على صهر هذا الكم والتنوّع البشري في إطار إنساني قادر على إعطاء نموذج لقدرة التفاعل الإنساني في عملية البناء، والنهوض بدولتنا لتتبوأ مكانة متقدمة على الصعيد الحضاري والتنموي، مع اكتساب احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والعالمية، لتعاملنا الإنساني والحضاري مع جميع المقيمين في بلادنا، وخلق وإيجاد الحوافز أمامهم للمساهمة الفاعلة في عملية التنمية التي تشهدها الإمارات.
وهذه الرؤية، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة، لا تخفي عن أعيننا ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية، ومن هذا المنطلق جاء تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية للتعامل مع مشكلة التركيبة السكانية، ونحن نقدر عالياً عمل هذه اللجنة، التي وضعت العديد من المبادرات للتعامل مع هذه القضية واتخاذ الإجراءات الفعالة في هذا الشأن، ونحن بصدد اتخاذ إجراءات وقرارات أخرى في إطار سياستنا المعلنة والشفافة للتعامل مع مسألة التركيبة السكانية بشكل حضاري، ومن دون الإخلال بالتزاماتنا الإنسانية والدولية، وبما يحقق الهدف من تنويع التركيبة السكانية في بلادنا.
وبطبيعة الحال، يبقى أبناؤنا وبناتنا وأجيالنا الجديدة مفتاح الحل الاستراتيجي لمسألة التركيبة، من هنا، يظل تطوير التعليم وتنمية قدرات وإمكانيات الكادر الوطني الإماراتي في مقدمة اهتماماتنا، ونحن متفائلون بأجيالنا الشابة، ومعتزّون بروح الانتماء الوطني، التي تملأ جوارحهم، وبإدراكهم المتنامي لأهمية الاعتماد على الذات، والمشاركة بفعالية في بناء الوطن، وأنا أتابعهم وأنتظر منهم الكثير، وأدعوهم إلى مضاعفة الجهد والتحصيل المعرفي، وتعزيز القدرات الذاتية في مختلف المجالات، ليكونوا باقة متميزة تتسابق عليها مؤسسات القطاعين العام والخاص.
السؤال الثاني: قبل عام تقريباً قمتم بتعديل وزاري واسع، وذكرتم بأن أي وزير عرضة للتغيير، هل هناك أية خطط لتعديل وزاري قريب؟
هناك قاعدة ننطلق منها، وهي أن الحكومة خادم الشعب، وأن الخدمة يجب أن تكون على أعلى مستوى، وأن يحصل عليها الناس بسهولة ويسر، والتعديل يتم إذا ما اقتضته الضرورة وبما نراه مناسباً للتعاطي بفعالية مع متطلبات العمل الوطني، وبما يعزز قدرة الحكومة الاتحادية على تحقيق الأهداف المحددة في إستراتيجيتها، وما يستجد من أهداف جديدة تبعاً للتطورات على أرض الواقع.
ولم أزل عند قولي بأن أي وزير أو مسؤول لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه سيكون عرضة للتغيير، ليفسح مكاناً لمن هو أجدر بتحمل المسؤولية، والمرجعية الأساسية لأي قرارات بهذا الخصوص، هي: معايير الأداء ومستوى إنجاز مشاريع خطط التطوير.
السؤال الثالث: بصراحة من هم خارج الإمارات يعتقدون بوجود حساسية بين الإمارات السبع، استناداً للنظام الفيدرالي، الذي تنتهجه الدولة، بماذا تردون؟
لا أعرف ماذا تعني بكلمة حساسية، وما علاقة هذه الكلمة بالنظام الاتحادي، لكني أقدر أن سبب سؤالك هو التقارير الإعلامية، التي حاولت في تناولها لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على دولة الإمارات وضع فواصل، واختلاق تباينات بين أبوظبي ودبي، وهي محاولات خبيثة تغافلت عن الكيفية التي تصدت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعن الأداء الرائع لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة. كان الأداء اتحادياً بامتياز، وقدم دليلاً جديداً على كفاءة وقوة الدولة الاتحادية وأظهر مجدداً قدرتها على مواجهة أصعب التحديات.
على أي حال، ما دمت قد فتحت هذا الموضوع، فمن المفيد التذكير بأن الإمارات السبع اختارت النظام الاتحادي عن وعي وإدراك بأنه أنسب النظم القابلة للحياة والبقاء والتطور، كان الآباء المؤسسون حكماء وذوي بصيرة وأصحاب رؤية مستقبلية، ومن يعرف تاريخ المنطقة وواقعها السابق لقيام الاتحاد يدرك عظمة إنجاز الاتحاد وإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وإذا كانت العبرة بالنتائج، كما يقولون، فانظر إلى مكانة وتقدم وإنجازات وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة بعد نيف وسبعة وثلاثين عاماً من قيام الاتحاد، دولة الإمارات دولة مؤسسات تحتكم في شؤونها كافة إلى مرجعية دستورية، بما في ذلك توزيع الاختصاصات بين السلطات المحلية والسلطة الاتحادية، ومثل كل الدول الاتحادية تختصّ السلطة الاتحادية بكافة الشؤون السيادية، سواء تعلقت بالسياسة الدفاعية أو بالقوات المسلحة أو بالأمن العام أو بالسياسة الخارجية أو بالسياسة المالية أو بالتشريعات الكلية الخاصة بالقضاء والاقتصاد والعمل وإقامة الأجانب.
ولعل من أهم الإنجازات التاريخية، التي نعتزّ بها، بناء الهوية الوطنية الإماراتية، التي لم تكن موجودة قبل قيام الدولة الاتحادية، وهذه الهوية تستقر عميقاً في نفوس جميع أبناء الإمارات، وتسري في عروقهم مسرى الدم، وتملؤهم بمشاعر العزة والكبرياء والولاء والانتماء لوطنهم الإمارات.
كل مسؤول ومواطن في الإمارات يعلي انتماءه الوطني الإماراتي على انتمائه لمنطقته، وأساساً لا تعارض بل تكامل، وحين يقدم شخص نفسه على أنه من أبوظبي أو الفجيرة أو دبي، فإنه لا يختلف عن المصري الذي يقدم نفسه بأنه من القاهرة أو أسيوط أو الإسكندرية، أو السعودي الذي يقدم نفسه بأنه من الرياض أو مكة المكرمة أو الدمام. مع الأسف، بعض الذين لا يعرفون الإمارات وحقائق الحياة فيها، يفتون في ما لا يفقهون، نحن كما قال أخي الشيخ خليفة: أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك.
لا توجد أية حساسيات بين الإمارات، بل تكافل وتعاضد في إطار الدولة الواحدة، والهوية الوطنية الواحدة، وفي الوقت ذاته، وفي إطار هذه الدولة الواحدة، توجد مساحة فسيحة للتنافس على الخير والإنجاز والامتياز وخدمة الوطن والمواطنين، وهذا تنافس حميد، وهو أحد أهم أسس نهضة الإمارات وتقدمها.
السؤال الرابع: هل أنتم من أنصار إعطاء صلاحيات أكثر للحكومة الاتحادية، مقابل تقليل دور الحكومات المحلية لمصلحة الدولة؟
لا يوجد تنازع على الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية، توجد اختصاصات اتحادية وأخرى محلية محددة بوضوح وفي دستور الدولة، وكما أشرت، فإن الشؤون السيادية كافة هي من اختصاص الاتحاد ممثلاً في صاحب السمو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي.
الحكومة الاتحادية تحظى بالصلاحيات كافة، التي تمكنها من أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور، ومسألة الصلاحيات الأكثر أو الأقل ليست موضوعاً نظرياً، علماً بأن التوسع في اللامركزية ومنح سلطات الحكم المحلي صلاحيات أوسع هو اتجاه عالمي حتى في الدول المكونة من إقليم واحد.
فقد ثبت أن اللامركزية تؤمن فعالية أكبر في التعاطي مع شؤون التنمية، وترفع من كفاءة الخدمات الحكومية، وتزيد من إنتاجية المؤسسات العامة، ونحن في الإمارات حريصون على تحقيق التكامل في الأدوار والمهمات والأداء بين الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر والمؤسسات المحلية، وصولاً إلى أرقى مستويات الأداء الحكومي في دولة الإمارات بشكل عام.
السؤال الخامس: عندما تحدث الأزمات يلتفت العالم إلى دبي، هذه المرة كانت الأزمة المالية العالمية، هل يضايقكم التركيز العالمي الكبير على سلبيات دبي في ظل الظروف الحالية؟
نحن نعرف حجمنا ولا نغالي في دورنا، دبي نالت شهرة عالمية لنجاحها في بناء نموذج تنموي ونهضوي فريد، وقد تحدثت لأحد زملائك عن بعض ملامح هذا النموذج، وأنت تعرف أن لشهرة النجاح ضريبة لا مناص من دفعها، واهتمام العالم بما تفعله دبي لتخطي انعكاسات الأزمة العالمية أمر طبيعي، ليس لأن الناس يركزون على الناجحين فقط، بل لأن الأزمة أدخلت نموذج دبي التنموي وما رافقه من إنجازات ونجاحات ذات أفق عالمي، في امتحان الأزمة العالمية الصعب. البعض راهن على فشل دبي في الامتحان، لأنه لا يعرف الإمارات، ولا يعرف أن ما حققته دبي مبني على أسس قوية وتراكم مهم من الخبرات والإنجازات وعلاقات الأعمال عبر العالم، وهو جزء مما حققته دولة الإمارات من تقدم وازدهار.
والبعض من خارج منطقتنا، تمنى لو أن الأزمة تغرق نموذج دبي، أعرف تماماً أن دوائر مالية واقتصادية لم تكن سعيدة بسياقات التنمية الشاملة والاستثمار والمنافسة عالمياً في إدارة الأسواق المالية والموانىء، وفي صناعة النقل الجوي، وفي إتاحة أحدث منجزات التكنولوجيا وخبراتها لأبناء المنطقة.
الإمارات أجابت بنجاح عن الأسئلة الصعبة في امتحان الأزمة المالية العالمية، ولن يطول الوقت الذي يتحول فيه التركيز الإعلامي على ما وصفته بالسلبيات لمصلحة دبي ودولة الإمارات.
السؤال السادس: قبل نحو عام تقريباً، وفي زيارة لكم إلى القارة الآسيوية، حذرتم من هذه الأزمة، لماذا لم تحتاطوا للأزمة حتى لا تتأثر دبي خصوصاً والإمارات عموماً من تبعات هذه الأزمة؟
حجم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها على كل دول العالم كان مفاجئاً للجميع، ما حذرت منه آنذاك هو الفوضى العارمة في أسواق المال والسلع، وتهميش دور المؤسسات المالية الدولية وعجزها عن أداء أدوارها المفترضة في عالم تحولت فيه الأسواق الدولية إلى سوق واحدة، لكنها لا تخضع لأية قواعد أو تنظيمات أو مراقبة دولية، وطالبت دول الاقتصاديات الكبرى بالتحرك السريع، وبإعادة النظر في دور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما فعلته مجموعة العشرين في مطلع هذا الشهر.
أما لماذا لم نحتط حتى لا نتأثر من تبعات الأزمة، فإن أي احتياطات اتخذناها أو اتخذتها أية دولة في العالم، لم تكن لتوفر حصانة من آثار الأزمة، ولولا أننا في الإمارات نجحنا في بناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة، ومزجنا من الأساس بين سياسات مصرفية متحفظة بإشراف المصرف المركزي وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي التي ننتهجها، لما استطعنا مواجهة انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادنا، ولكنت شهدت إفلاسات في المصارف والشركات الكبرى. وطأة الأزمة علينا في الربع الأخير من العام الماضي كانت شديدة، لكنها أقل بكثير مما أصاب دول الاقتصاديات المتقدمة.
السؤال السابع: على الرغم من نفي مسؤولي حكومة دبي الدائم بعدم وجود خطة لبيع حصص في الشركات لإمارة أبوظبي، إلا أن التكهنات في هذا المجال لا تتوقف، أليس من الطبيعي أن تتعاون الإمارات بعضها بعضاً في مثل هذه الأزمات، لو حدث مثل هذا الأمر؟
الإمارات لا تنتظر الأزمات لتتعاون، والشراكات أساساً عديدة بين أبوظبي ودبي، ومؤسسو جميع الشركات المساهمة العامة ومكتتبوها في غالبيتهم العظمى من أبوظبي ودبي، واستثمارات أبناء أبوظبي في دبي وأبناء دبي في أبوظبي ضخمة، ودبي كانت ومنذ القدم - وما زالت - مفتوحة لاستثمارات وأعمال جميع أبناء الإمارات.
أما عن التكهنات الواردة في سؤالك، فهي مجرد تكهنات، وهي ليست بريئة، وجاءت في سياق حملة مغرضة على نموذج دبي، ولم ينف هذه التكهنات مسؤولو حكومة دبي فقط، بل تفضل صاحب السمو رئيس الدولة ونفاها في شهر مارس الماضي.
السؤال الثامن: في تقديراتكم هل سيجنح الاقتصاد الإماراتي للركود في العام الحالي، أم انه سيكون هناك شيء من النمو؟ وكم نسبته؟
نحن متفائلون بقدرة المؤسسات الوطنية والإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها على تحقيق نمو اقتصادي بمعدلات أقل بطبيعة الحال من المعدلات التي حافظ عليها اقتصادنا في الأعوام السابقة، المؤسسات الدولية المتخصصة تتوقع نمواً طفيفاً في اقتصاد الإمارات هذا العام، وهناك تقديرات أخرى بنمو في الإمارات بنسبة 3%.
السؤال التاسع: هناك من يرى أن رب ضارة نافعة، فالأزمة المالية أعادت الأمور إلى طبيعتها بعد سنوات من التضخم، الذي كان يهدد اقتصاد دبي والإمارات، في رأيكم هل يمكن اعتبار التصحيح القاسي، الذي شهده قطاع العقار مثلاً، حلاً لمشكلة ربما كانت ستكون أسوأ مستقبلا؟
الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة، الإجراءات التي تم اتخاذها، سواء على الصعيد الاتحادي أو على الصعيد المحلي في مواجهة الأزمة إجراءات مدروسة تضمن الخروج من تأثيراتها بأقل الأضرار، وقد أثبتت دولة الإمارات قدرة على تجاوز أزمات سابقة، وستثبت مجدداً نجاحها في تجاوز هذه الأزمة، وتقوم لجان متخصصة برصد ومتابعة تطورات الأزمة على المستوى العالمي، وتأثير هذه التطورات فينا، وتضع الخطط وتقدم المقترحات الملائمة للتعاطي مع التطورات كافة.
السؤال العاشر: أخيراً، القصص الخيالية، والإشاعات لا تتوقف عن دبي، وأنها أصبحت مدينة أشباح، وأن عشرات الألوف يسرحون أسبوعياً من وظائفهم، وغيرها من القصص، ألا تحزنكم طريقة التعاطي هذه مع أزمة دبي على وجه الخصوص؟
لقد تعودنا ألا نعير اهتماماً للشائعات، وردنا عليها يكون دائماً بالعمل والإنجازات، هذه الإشاعات والقصص المُختلقة تدهش كل من يزورنا في هذه الأيام، وقد قابلت الكثير من الزوار في الآونة الأخيرة، الذين أبدوا دهشتهم من زحمة الفنادق والشوارع والأسواق، إن نجاح دبي هو السبب الحقيقي في تلك القصص المختلقة، فالأزمة في دبي هي أزمة نجاحها، الذي حافظت عليه لعقود عدة. هل غاب عن مروجي تلك الإشاعات أن عالمية دبي تجعلها أكثر تأثراً من غيرها بتطورات الاقتصاد العالمي؟ نحن مع حرية التعبير، ولكن في إطار من النزاهة والموضوعية والدقة.
أمر مؤسف أن نرى صحفاً تعتمد في تقاريرها على الإشاعات والأقاويل والتكهنات، على الرغم من أنها تفاخر دائماً بدقتها وموضوعيتها، نحن ندرك شدة المنافسة الاقتصادية بين دول العالم، ودائماً ما وجدت الحروب الاقتصادية غير المعلنة بين أصحاب النشاط الاقتصادي الواحد، وحين تتحول إلى لاعب دولي في بعض الأنشطة الاقتصادية، عليك ألا تنتظر دروباً مفروشة بالورود والرياحين، هل تعرف عدد شركات الطيران الدولية الكبرى المتربصة بطيران الإمارات؟ وهل تظن أن شركات الخدمات الدولية ذات الصلة سعيدة بنجاح موانىء دبي في إدارة عشرات الموانىء في أوروبا وآسيا وأفريقيا؟ وهل تتوقع أن تكون أسواق المال الدولية سعيدة بنجاح سوق دبي المالي الدولي ومشاركته في ملكية بعض أهم أسواق المال الدولية؟
السؤال الحادي عشر: كلام سموك صحيح، وما تحدثت به لا يخطر على بال كثيرين.
أزيدك من الشعر بيتاً: طيران الإمارات على سبيل المثال لم تحقق نجاحها المشهود على المستوى الدولي فقط، بل حفزت إلى إنشاء شركات طيران عربية تسير على نهج طيران الإمارات، ودفعت جميع شركات الطيران العربية إلى تحسين أساطيلها وخدماتها، وهذا كله ضاعف من حصة شركات الطيران العربية في صناعة النقل العالمي، اليوم باتت طيران الإمارات مقياساً لكفاءة الخدمة والتشغيل، ليس على المستوى العربي فقط، ولكن على مستوى العالم.
العالم يعترف بك لأنك ناجح ومتميز ومبادر وقادر على المنافسة، لكنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الاعتراف ناجماً عن رضا وقبول.
أسئلة من محمود الحضري - جريدة "الاتحاد" - الإمارات
السؤال الأول: طلبتم سموكم في العام الماضي من وزارة المالية الإعداد المبكر للميزانية الاتحادية للدولة 2009، وكان لذلك الخروج بالميزانية قبل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية منم دون أي عجز، فهل سيكون للأزمة المالية العالمية تأثير على ميزانية 2010، خاصة فيما يتعلق باحتياجات المواطن الأساسية؟
في السنوات الثلاث الأخيرة تصدر الميزانية الاتحادية في وقت مبكر وقبل دخول العام المالي الجديد، أما خروج ميزانية 2009 من دون عجز فمسألة طبيعية ناجمة عن عدم تأثر موارد الميزانية بآثار الأزمة المالية العالمية، ولا أعتقد أن آثار الأزمة ستطال ميزانية سنة 2010، باقٍ على السنة الجديدة سبعة أشهر، وهذه فترة طويلة ربما نشهد في نهايتها مؤشرات لقرب انتعاش الاقتصاد العالمي.
السؤال الثاني: هناك من يقول إن مناصب دبي العليا تتركز على عدد محدود من الأشخاص، وهو ما وصفه البعض بظاهرة الـ "سوبر مان"، فهل لنا أن نعرف رد سموكم؟
ما المقصود بمناصب دبي العليا؟ مناصب الدوائر أم الشركات أم المؤسسات؟ أم الهيئات أم جميع هذه الجهات معاً؟
ردي: إن المناصب العليا متاحة لجميع الكفاءات من المواطنين، ودائماً ما تجري عملية تجديد الدماء، وظاهرة الـ "سوبرمان"، التي تتحدث عنها، ليست موجودة، أعرف أن البعض كتب عن هذا الأمر، لكن دققوا في واقع المناصب العليا، ستكتشفون عدم وجود هذه الظاهرة.
السؤال الثالث: لجأ بعض الشركات في ظل الأزمة إلى تأجيل بعض المشروعات وإعادة جدولتها، فهل لنا أن نعرف الموقف بالنسبة لمشروعات البنية الأساسية التي تقوم بها الحكومة؟ خاصة في ظل التغييرات التي يقال إنها ستطال الخطط الإستراتيجية.
لا تأجيل لأي من مشاريع البنية الأساسية، أما المشاريع الأخرى، فما هو تحت التنفيذ سيستكمل، وما لم يبدأ تنفيذه بعد تنطبق عليه إعادة الجدولة الزمنية، أما التغييرات التي ستطال الخطة الإستراتيجية، فسيعلن عنها فور إنجازها. الخطط دائماً معرضة للتعديل في الأوقات العادية وفي أوقات الأزمات.
أسئلة من رائد برقاوي - صحيفة "الخليج" - الإمارات
السؤال الأول: صاحب السمو: صدرت إشارات متباينة حول الموعد المرجح لعودة التعافي إلى اقتصاد الإمارات، ما هي وجهة نظركم في هذا الشأن؟
الأسوأ مرّ وصار وراءنا، وفي كل الأحوال، سنكون بين أوائل الدول التي تسجل اقتصادياتها تعافياً من آثار الأزمة العالمية.
السؤال الثاني: على الرغم من البيئة الاستثمارية التنافسية، التي تتمتع بها الإمارات ومزاياها الإقليمية المتطورة، إلا أن هناك مآخذ على البيئة التشريعية، التي لا تواكب بالقدر الكافي مستويات النمو ومكانة الاقتصاد الوطني، فهل سنرى قريباً تحديثاً للقوانين الحالية؟
الاقتصاد كالكائن الحيّ تتغير متطلباته واحتياجاته بمواصلته النمو والتطور، ومع إدراكنا لهذه الحقيقة، أقر مجلس الوزراء أخيراً تأسيس مجلس الإمارات للتنافسية، ومهمته تطوير الاستراتيجيات واقتراح السياسات والأطر القانونية الكفيلة بتعزيز البيئة التنافسية في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وبما يخدم أهداف التنمية الشاملة، ويحافظ على مكانة الإمارات بين مصاف الدول الأكثر تنافسية على الساحة الدولية.
المجلس يضمّ مجموعة من الوزراء المعنيين بهذه القضية المهمة برئاسة وزير شؤون مجلس الوزراء وعضوية كل من وزراء الاقتصاد والتجارة الخارجية والتربية والتعليم والعمل والصحة والدولة للشؤون الخارجية والدولة للشؤون المالية، بالإضافة إلى سبعة ممثلين عن الهيئات التنفيذية في الحكومات المحلية ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة في الدولة ومديري غرفتي تجارة وصناعة أبوظبي ودبي، ونحن على ثقة بقدرة المجلس على وضع استراتيجيات وأطر تشريعية تضمن تحقيق التطوير المنشود للقدرة التنافسية لدولة الإمارات.
أسئلة من قصي الجاموس - صحيفة "الرؤية الاقتصادية" - الإمارات
السؤال الأول: شهد الربع الأول من العام الجاري أحداثاً اقتصادية متسارعة صبّت في معظمها في خانة التشاؤم حول مستقبل الاقتصاد العالمي ونموه، وتتضارب التقارير في تقييم حال الاقتصاد الوطني، وطالعتنا بعض الدراسات الغربية بالتشكيك في استمرار خطط التنمية ومستقبلها في المنطقة على ضوء انخفاض أسعار النفط والأزمة العالمية. ما هو تقييم سموكم للاقتصاد الوطني اليوم؟ وهل يمكن المحافظة على مستوى النمو في ظل تراجع أسعار النفط؟ وما هي السياسة التي ستتعامل عبرها دولة الإمارات مع مستجدات الأزمة المالية العالمية؟
اقتصادنا قوي وإمكانياته كبيرة ويتسم بالتنوع، ونسبة النفط في الناتج المحلي الإجمالي للدولة تقل عن 30%، وهذا يخفف من أثر تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني، وأوافقك على وجود تقارير عديدة متشائمة بشأن الاقتصاد العالمي، لكن المغالاة في التشاؤم غير واقعية، فدول الاقتصاديات الكبرى جادة في جهود إنعاش اقتصادياتها، وقمة مجموعة العشرين خرجت بنتائج جيدة من اجتماعها في لندن، والأمل أن يتم الالتزام بتنفيذ جميع القرارات، والواقع أن نبرة التشاؤم تقل ولا تزيد، ويحلّ محلها تفاؤل حذر.
أما عن مستويات النمو، فلن تحافظ أية دولة في العالم على مستويات النمو المرتفعة التي سجلتها في السنوات الأخيرة، نحن في الإمارات سنحقق نمواً بمعدلات أقل من تلك التي سجلها اقتصادنا في السنوات الماضية.
السؤال الثاني: استقطاب الاستثمارات الأجنبية كان من ضمن أولويات الحراك الاقتصادي في الإمارات، واليوم، فإن "هروب المستثمرين الأجانب" من الإمارات حالة يكثر الحديث عنها، وتدعمها تقارير محلية ورسمية أيضاً، هل بالفعل تروّن سموكم أن اقتصادنا الوطني، إذ يعتمد على الاستثمار الأجنبي، فإنه يخاطر بمستقبله؟ وفي ظل الحديث المتواتر عن الأزمة المالية عالمياً، هل من خطة حديثة لدى سموكم لتثبيت أو تنمية أو استعادة الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد؟
لا يصح استخدام تعبير "هروب المستثمرين الأجانب"، لأنه لم يكن هناك هروب، ما حدث بالضبط، هو جفاف السيولة عبر العالم فور انهيار بنك "ليمان برذرز"، الذي مثّل الذروة في الأزمة المالية العالمية، ومع جفاف السيولة، بات تجميع السيولة من المصادر المتاحة هو الهم الأكبر للمستثمرين والمصارف والمؤسسات المالية في جميع أرجاء العالم، فحدثت سحوبات ودائع، وتسييل محافظ، وتصفية مراكز مالية في جميع أسواق المال في العالم.
أما أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية كان ضمن أولويات الحراك الاقتصادي في الإمارات، فهو استنتاج غير دقيق، فحركة الاستثمارات لا تعرف الحدود، وتوجد استثمارات أجنبية في الإمارات، وتوجد استثمارات إماراتية بأضعاف مضاعفة في مناطق عديدة من العالم. الاستثمار يتحرك نحو الفرص الواعدة والبيئة المواتية، وهذا ما جذب الاستثمار الأجنبي للإمارات، وما زالت بيئة الاستثمار في الإمارات مواتية، وما زالت الفرص واعدة، وما زالت أهم مركز إقليمي للأعمال والتجارة الدولية، وهي اليوم واعدة أكثر من أي وقت مضى، وقدوم المستثمرين الأذكياء للإمارات لم يتوقف.
السؤال الثالث: "الأمن والربح" مفهومان في غاية الأهمية بالنسبة للمستثمر، ومن المعلوم أن الإمارات شكلت خلال السنوات الأخيرة مرتعاً خصباً لتنمية رؤوس الأموال، والذي انعكس بدوره على استقطاب أبرز رجال الأعمال وجذب الشركات الكبرى وأشهر العلامات التجارية العالمية إلى البلاد. كما ساهمت حيوية السوق المالي الإماراتية في نجاح العديد من الشركات وتحوّلها إلى شركات مساهمة عامة تم ضخ مليارات الدراهم في رؤوس أموالها، وهذا يعني تشارك آلاف المستثمرين في ملكية الأسهم. وفي الفترة الأخيرة، شهدنا قضايا قانونية ومالية طالت أسماء شخصيات اعتبارية إماراتية، ما هي كلمة سموكم للمجتمع الاستثماري في الإمارات حول قدرة الجهات الحكومية على رقابة إدارة الشركات وتسيير شؤون مساهميها وحقوقهم؟
هذه القضايا القانونية دليل على اهتمام الحكومة الأكيد بحسن إدارة الشركات والتزامها بمبادىء المحاسبة السليمة وقواعد الحوكمة والشفافية، والحكومة تعمل باستمرار على تطوير هيئات وإجراءات وضمانات حسن إدارة الشركات، ولا أحد في الإمارات فوق القانون والمساءلة والمحاسبة، ومن يرتكب أو يتجاوز تلاحقه الجهات القضائية المختصة وتنزل عليه حكم القانون.
السؤال الرابع: في ظل الحديث عن شحّ السيولة في الأسواق المحلية، أصدرت دبي برنامج سندات اكتتب المصرف المركزي الإماراتي فيه بـ10 مليارات دولار من أصل 20 ملياراً، وصرح مسؤولون بالإمارة أن ما من حاجة حالية لباقي المبلغ، هل يعني ذلك أن حكومة دبي قد أقفلت باب الاكتتاب في السندات المتبقية؟ وهل سيكون الدعم الذي ستقدمه حكومة دبي لشركاتها كمنحة؟
لا لم نقفل باب الاكتتاب، وما تم الاكتتاب به حتى الآن يفي بالاحتياجات، أما الدعم المقدم للشركات فهو ليس منحة، لأن أصله سند، والشركات لديها أصول إنتاجية تمكنها من الوفاء بكافة التزاماتها، مشكلة الشركات هي جزء من مشكلة السيولة التي حلت بالنظام المالي والمصرفي العالمي، وهي مهما طالت، تظل مشكلة مؤقتة.
السؤال الخامس: من جهة أخرى، وبقراءة الجهات التي سيوجّه لها الدعم المالي في الإمارة، هل يمكن القول إن شركات الإمارة غضت النظر أو بالغت في تقدير قدراتها المالية على تغطية متطلبات التنمية، وبالتالي فإن إداراتها باتت مسؤولة عن مستوى الشفافية في تعاملها مع مشاريعها؟
الأزمة المالية العالمية فاجأت كل دول العالم، وكانت أكبر من أية دولة في العالم، وأكبر من أية شركة في العالم، من غير المجدي ادعاء الحكمة بأثر رجعي، المجدي هو أن تستوعب الدروس وتستلهم العبر، وأقول دائماً إن الذي يعمل يخطىء، والمهم ألا يتكرر الخطأ، وحده الذي لا يعمل لا يخطىء. بطبيعة الحال، إذا كشفت عمليات إعادة التنظيم عن قصور إداري في بعض الشركات الحكومية، فستتم معالجته.
السؤال السادس: وضعتم سموكم التوطين من ضمن أولويات خططكم التنموية، ومع مرور السنوات تزايد عدد السكان في الدولة بشكل مثير، حيث بات عدد الوافدين يشكل أغلبية مطلقة في البلاد، ولقد تزايد عدد شركات القطاع الخاص بشكل طردي، إلى أي مدى ترون أن الزيادة تلك تحرم المواطنين من فرص التوظيف والارتقاء المهني؟ وهل تعتقدون بضرورة توسيع خطة التوطين لتطال شرائح أكبر من شركات القطاع الخاص؟
خطة التوطين لها قوام رئيسي، وهو تأهيل وتدريب المواطنين وتزويدهم بالمهارات الضرورية التي لا غنى عنها في أي عمل، ومساعدتهم في دخول سوق العمل بقوة وثقة، وأنا متأكد أن شركات القطاع الخاص الكبرى تفضل تشغيل المواطنين، لأنه جزء من مسؤولية الشركات الاجتماعية للوسط الذي تعمل فيه، ولأن تكلفة الموظف المواطن، مهما علا راتبه أقل من تكلفة نظيره غير المواطن، فضلاً عن الميزات الأخرى المتاحة له من قدرات على الاتصال والتواصل مع مجتمع المواطنين والدوائر الحكومية والمستهلكين المواطنين، وهم الشريحة الأعلى إنفاقاً في الإمارات. طبعاً إذا تلكأت شركات بعض القطاعات عن القيام بمسؤولياتها، فلدى الحكومة حزمة من الإجراءات والحوافز الكفيلة بدفعها للوفاء بهذه المسؤولية.
السؤال السابع: يشهد العديد من الدول لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بحسن ورقي تعاملها مع الوافدين ورعايتهم ومنحهم الحرية في ممارسة أنشطتهم الاستثمارية والاجتماعية، إلى درجة أن شريحة كبيرة من المقيمين أمضوا سنوات عديدة في البلاد، ومنهم من تطبّع بعادات وتقاليد الإمارات، ويكنّون الولاء الشديد لهذا البلد المعطاء. وقد استبشر الكثيرون خيراً بقرارات بعض الشركات العقارية بمنحهم "الإقامة الدائمة" إذا ما اشتروا عقاراً في بعض المشاريع دبي أو عجمان، بينما تم طي هذه الميزة مؤخراً لدى شركات أخرى، ما هي نظرة الحكومة لأمر "الإقامة الدائمة"؟ وهل من خطط حقيقية لإقرارها في كل الدولة؟
موضوع الإقامة خارج تماماً عن اختصاص الشركات، هذا موضوع سيادي تنظمه القوانين واللوائح، هل إذا امتلكت عقاراً في لندن أو باريس أو القاهرة أو بيروت تحصل حكماً على إقامة دائمة؟ نحن بالطبع حريصون على راحة ملاك العقارات من غير المواطنين، سيصدر قانون اتحادي بهذا الشأن قريباً، أساسه تأشيرة الزيارة طويلة الأمد ومتعددة السفرات.
أسئلة من بول ستوبر ودريد البيك من جلف نيوز
السؤال الأول: لقد اتخذت الحكومة عدداً من الخطوات المهمة لدعم قطاع العقارات والخدمات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهل أنتم راضون عن نتائج هذه الخطوات حتى الآن؟
نعم، أنا سعيد جداً بالنتائج، وواثق أننا نسير في الاتجاه الصحيح، ولن يطول الوقت حتى يلمس الجميع مؤشرات التحسن والتعافي.
السؤال الثاني: هل تعتقد سموكم أن دبي بحاجة إلى جهاز رقابي لمكافحة الفساد المالي والإداري؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها الحكومة الاتحادية لزيادة الشفافية ومكافحة الفساد؟
توجد في دبي دائرة حكومية للمراجعة المالية، وتقوم بمهامها على الوجه المطلوب، بما في ذلك التحقيقات الخاصة بقضايا الفساد. نعم تعزيز دور وإمكانيات المراجعة ضروري، وهذا ما يحدث الآن.
أما إلى أين يمكن أن تصل الإمارات في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، فستصل إلى النهاية، لا مكان للفساد والفاسدين، وفي كل قضايا الفساد لا تتم مقاضاة الفاسدين ومعاقبتهم فقط، ولكن يتم سد أية ثغرة إدارية وقانونية استغلوها لارتكاب جرائمهم.
السؤال الثالث: ما هي الخطوات الإضافية التي تنوي الحكومة القيام بها لدعم قطاعي العقارات والخدمات المالية إذا ما دعت الحاجة لمثل هذه الجهود الإضافية؟ وهل تنوي الحكومة أن توسع نطاق الدعم ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى في دولة الإمارات، كالسياحة مثلاً؟ وإن كانت الإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، فكيف ستكون طبيعة هذا الدعم؟
الإجراءات التي اتخذناها حتى الآن نقلت اقتصادنا من مظلة الأزمة إلى مظلة الحل، لم يكن بإمكان أية دولة، مهما بلغت كفاءة إجراءاتها، الاطمئنان إلى الخروج من الأزمة قبل معرفة عمقها في الاقتصاد العالمي وفي الأسواق المالية الدولية، واكتمال إجراءات دول الاقتصاديات الكبرى، ثم بلورة الجهد الدولي المشترك، وهذا كله استغرق أشهراً عدة، واليوم بدأت نبرة التفاؤل عالمياً تعلو على نبرة الخوف.
اقتصادنا في الإمارات من بين أكثر اقتصاديات المنطقة انفتاحاً وتفاعلاً مع الاقتصاد والعالمي، وجهود دول الاقتصاديات الكبرى لإنعاش اقتصادياتها هي جهود جادة ومؤثرة، واتجاه هذه الدول إلى مزيد من التعاون على الصعيد الدولي، كما ظهر في قرارات قمة العشرين مؤشر إيجابي. لذلك، أقول باطمئنان: إننا في الإمارات انتقلنا إلى سكة الحل والتعافي بسبب الإجراءات التي اتخذناها أساساً، وبسبب جدية جهود إنعاش الاقتصاد العالمي، وهنا لا أقول لك إن مسار التحسن في الاقتصاد العالمي لن يواجه الصعوبات والعقبات، وإن تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي انتهت تماماً، ما يمكن قوله باطمئنان: إن الأسوأ صار خلفنا جميعاً، وأن هناك إرادة حقيقية في الدول المعنية لإنعاش اقتصاداتها.
وبالنسبة لتوسيع الدعم إلى قطاعات اقتصادية أخرى، فهو وارد إذا كانت هناك حاجة لذلك، أما قطاع السياحة فوضعه جيد، ونسب الإشغال في الفنادق مرتفعة، والقطاع تجاوز الأسوأ ووحداته تكيفت مع أكثر المراحل صعوبة وتجاوزتها بنجاح.
أسئلة حمد سالمين - صحيفة "البيان" - الإمارات
السؤال الأول: متى يختفي مصطلح "المناطق النائية" من القاموس اليومي في الإمارات؟
لا توجد في الإمارات مناطق نائية بالمعنى الذي ينصرف إليه ذهن الإنسان حين يسمع كلمة "نائية"، توجد مناطق بعيدة نسبياً عن مراكز المدن، ووضع هذه المناطق بحاجة إلى دراسة علمية وإلى رؤية إستراتيجية بشأن تنظيم المناطق الحضرية وتوفير أفضل سبل الخدمات لسكانها.
وأقول لكم بصراحة: إن الإعلام يصور بعض هذه المناطق وكأنها تعاني الأمرين ومحرومة من أبسط الخدمات، وأحياناً نقرأ عن مطالب بإنشاء مدارس في مناطق لا يزيد عدد بيوتها على خمسين على الرغم من وجود مدرسة قريبة ووسائل لنقل الطلاب، ويحدث أن يتصدع سقف غرفة في منزل فيتحول الأمر إلى تقرير مطول مشفوع بالصور، ويعمم حال الغرفة على المنزل بأكمله وأحياناً على المنطقة بأكملها.
أنا تجولت في مناطق الدولة كافة، وحرصت على زيارة مناطق ومدارس ركزت بعض الصحف على أوضاعها، وظهر لي أن الوضع ليس كما تصوّره هذه الصحف. نعم، تحتاج هذه المناطق إلى اهتمام أكبر، وهذا ما التزمت به الحكومة منذ تشكيلها، وما يوجّه به دائماً صاحب السمو رئيس الدولة.
السؤال الثاني: هل هناك خطوات عملية لمعالجة خلل التركيبة السكانية؟ وماذا عن تقديم حوافز للأسر المواطنة لتشجيع الإنجاب ؟
نعم هناك خطوات وإجراءات، وقد نشرتم بعضها في صحفكم، واللجنة المكلفة بملف التركيبة السكانية تعمل بهدوء وبفعالية كبيرة.
أما عن تقديم حوافز للأسر المواطنة لتشجيع الإنجاب، فالحوافز موجودة، سواء بشكل غير مباشر من خلال الخدمات والتقديمات الحكومية للمواطنين، أو في علاوات الموظفين الخاصة بالأبناء. موضوع الحوافز محل متابعة دائمة من الحكومة.
السؤال الثالث: لماذا توقف تقليد الخلوة الحكومية، الذي ابتكرته؟
لم يتوقف هذا التقليد، الخلوات تكون عادةً في فترات متباعدة، أما اجتماعات مجلس الوزراء فتتواصل بانتظام.
السؤال الرابع: يعتقد البعض أنكم راهنتم على الشباب أكثر من ذوي الخبرة في قيادة المؤسسات في دبي، ما هو ردكم على ذلك؟
راهنت وما زلت أراهن على الشباب ذوي الخبرة وذوي الإمكانية، إذا لم تراهن على الشباب كيف ستبني الخبرات؟ وكيف ستبني القيادات؟ على أي حال، لا أدري كيف تحددون سن الشباب هل البالغ من العمر 35 أو 40 عاماً مجرد شاب من دون خبرة على الرغم من أن سنوات عمله قد تزيد على عشرة أو عشرين سنة؟ وكم عدد السنوات التي يجب أن يقضيها الشخص في العمل حتى يكتسب الخبرة؟ خمس؟ عشر سنوات؟ الدنيا تغيّرت، وعالم المعرفة رحب ومتاح لمن يرغب في تطوير معارفه، وبرامج التدريب متاحة لمن يسعى لرفع مهاراته، وبرامج إعداد القيادات الشابة متاحة للجميع، ويدخلها كل من ينجح في اختبارات القدرات والإمكانيات التي تجريها جهة مستقلة.
نحن نعتز بالخبرات الوطنية، سواء كانوا شيباً أو شباناً، وسأظل أبحث عن الشباب الواعدين وأدربهم وأدفع بهم إلى المناصب القيادية.
السؤال الخامس: ما مدى تأثير العملة الخليجية في حال إطلاقها في اقتصاد الإمارات؟
سيكون لها تأثير إيجابي على كل دول مجلس التعاون، العملة شأن اتحادي، وقد رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحمست لمشروع العملة الخليجية الموحدة، وأبدت استعدادها لاستضافة البنك المركزي الخليجي.
السؤال السادس: كيف تقيّمون تجربة المرأة، التي أفسحتم لها المجال لتتبوأ مواقع قيادية في السلطتين التنفيذية والتشريعية؟
تجربة ناجحة، وقد أبدى معظم الأخوات جدية والتزاماً وكفاءة في أداء المهام الموكلة إليهن، وأثبتن أن المرأة الإماراتية جديرة بالثقة وبالتواجد في كل مواقع العمل، قيادية كانت أم غير قيادية.
السؤال السابع: إلى أي مدى تجاوبت السلطات الطبية مع انتقادك المباشر لمستوى الأطباء وضرورة تطوير خدماتها؟
الخدمات الطبية تحسنت تحسناً ملموساً، لكنها لم تصل إلى مستوى الطموح، وأنا أقدر أن إصلاح أوضاع مترهلة اعتادت لسنوات طويلة على أنماط معينة من الإدارة والعمل لا بد أن يستغرق الوقت المناسب، المهم أن العمل على تطوير القطاع الطبي يسير في الاتجاه الصحيح، ويسجل تقدماً، والواقع أن توسع مشاركات القطاع الخاص في القطاع الطبي أوجد منافسة حميدة، انعكست إيجاباً على مجمل الأداء الطبي، ولن يطول الوقت حتى يكون جميع أطباء القطاعين الحكومي والخاص على أعلى مستوى في العالم.
السؤال الثامن: ما هي نتائج توجيهاتكم لوزارة التربية بتضمين الرياضة كذلك في المناهج وتنظيم منافسات بين المدارس والكليات والجامعات والمناطق التعليمية، لتصحيح هرم الرياضة المقلوب؟
أنجزت الوزارة خطتها في هذا الشأن، وحصرت احتياجات المدارس من المرافق الرياضية، وأنشأت اتحاد الرياضة المدرسية، وقد بدأت فعلاً منافسات رياضية بين المدارس، وهناك مشاركات رياضية خارجية لبعض المدارس.
أسئلة رياض مقدادي - Emirates Business 24/7 Newspaper
السؤال الأول: كانت هناك أبعاد اتحادية متزايدة في معالجة الاحتياجات المالية للإمارات، وهذا أمر اعتبر خطوة جيدة للأمام، كيف ترى هذا التطور مستقبلاً؟
لدولة الإمارات العربية المتحدة سياسات وتشريعات وتنظيمات مالية ونقدية واحدة، ويتولى إدارة وتطوير ومتابعة هذه السياسات والتشريعات والتنظيمات مؤسسات اتحادية، في مقدمتها مصرف الإمارات المركزي ووزارة المالية.
الإجراءات الاتحادية في معالجة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الإمارات هي تعبير عن حالة قائمة ومعاشة منذ تأسيس مجلس النقد قبل حوالي 35 عاماً، ربما استغرب البعض من سرعة الإمارات في اتخاذ إجراءات فعالة في مواجهة انعكاسات الأزمة، فظن أننا نستحدث شيئاً جديداً، علماً أن معالجة الأزمات المالية السابقة تمت في الإطار الاتحادي، كما في أزمة القروض العقارية في مطلع الثمانينات.
الإجراءات الاتحادية في شأن انعكاسات الأزمة المالية أكدت المؤكد، وإذا كنت قد رأيت أبعاداً اتحادية متزايدة فهذا أمر حسن، لأنه على الرغم من أن الاتحاد هو الحقيقة الكبرى التي تزداد رسوخاً وتجذراً في حياة الإمارات، فإن بعض التقارير الأجنبية شككت في نجاحه في مواجهة آثار الأزمة، وما زال بعضها يحاول تحييده عن هذا النجاح.
السؤال الثاني: قوانين عديدة، بما فيها قانون الشركات، ما زالت منذ وقت طويل قيد المراجعة، هل تشعر بوجود حاجة لتشريع إنجاز التعديلات الضرورية بما يلبي الحاجة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة للإمارات؟
إصدار أو تعديل القوانين يستغرق دائماً الوقت الضروري، الاستعجال قد يتحول إلى استسهال مضر، والتأخير قد يعبر عن إجراءات بيروقراطية غير ضرورية، وحين يتصل الأمر بقوانين ذات صلة بالاتفاقيات والأنظمة الدولية، كقانون الشركات، فإن سرعة إنجاز التعديل تتأثر بواقع الاتفاقيات والتنظيمات الدولية، وكثير من هذه الاتفاقيات لم ينضج بعد، بما في ذلك عدد مهم من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. نحن حريصون على سرعة إصدار أو تعديل القوانين، بما يؤمن التوافق بين مصالحنا الوطنية والتزاماتنا في التنظيمات الاقتصادية والتجارية الدولية.
السؤال الثالث: التكهنات بشأن مستقبل ربط الدرهم بالدولار لم تتوقف، ما هي القيمة التي تراها في استمرار ارتباط الدرهم بالدولار على المديين القريب والبعيد؟ وهل هناك أي تغيير في سياسة ربط الدرهم بالدولار؟
أنت تعلم أن المصرف المركزي يتولى مسألة الارتباط بين عملتنا الوطنية والعملات الأجنبية، وفي إدارته لهذه المسألة يحتكم لحسابات اقتصادية صرفة، حينما انخفض الدولار في الأعوام الأخيرة أمام اليورو والإسترليني جرى حديث عن مخاطر اقتصادية تترتب على استمرار ارتباط الدرهم بالدولار، اليوم، وبعد انخفاض العملات الدولية الأخرى أمام الدولار بنسب مهمة، لم نعد نسمع هذه الأحاديث، لا يترتب على الربط مع عملة واحدة أو سلة عملات مزايا مطلقة أو سلبيات مطلقة، والقرار يتجه دائماً للكفة التي ترجح فيها المزايا.
السؤال الرابع: أحد الإجراءات الفعالة، التي اتخذتها الإمارات في مواجهة انعكاسات الأزمة المالية، هو الحفاظ على زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، حتى إذا أدى هذا الإجراء إلى عجز في الميزانية لأول مرة منذ سنوات عديدة، هل ستقدم مباشرة على إجراءات لمعالجة العجز إذا حدث في السنة المقبلة؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذها؟
هذا سؤال افتراضي، ونحن نتحسّب لكل الاحتمالات، وسنحرص على صدور ميزانية من دون عجز. أنا أقدر المضمر في سؤالك عن الإجراءات الفورية التي سنتخذها لمواجهة العجز الافتراضي، وأقول لك: لا، لن نفرض ضرائب على الدخل.
السؤال الخامس: صورة دولة الإمارات ودبي تعرضت للتشويه في قطاع من الصحافة الغربية، ما هي إستراتيجية الدولة الرسمية في مواجهة ذلك؟
إستراتيجيتنا الثابتة هي أن الحقيقة مطهرة، وأن الشفافية سياسة ثابتة، وأن الرد النهائي يأتي من عملنا ونجاحنا، فحبل الكذب والإشاعات قصير.
في الأشهر الأخيرة، كنا شفافين في كل إجراءاتنا، وفي شرح أبعاد آثار الأزمة العالمية على اقتصادنا، وتحدث المسؤولون على أعلى المستويات عن أوضاعنا، بما في ذلك أرقام الدين الحكومي وديون الشركات الحكومية، حتى الإشاعات تم الرد عليها، وتفضل صاحب السمو رئيس الدولة وتحدث عن حقائق الواقع بوضوح وصراحة، ومع ذلك استمرت بعض الصحف في تحويل الإشاعات والتكهنات والتهيؤات إلى موضوعات وتقارير وأخبار.
نحن منفتحون على كل وسائل الإعلام في العالم، ولم يحدث أن قيدنا حركة ممثلي وسائل الإعلام العالمية الزائرين أو المقيمين، ولن يتغير هذا الوضع، لثقتنا بأنفسنا واقتصادنا وإجراءاتنا، ولإيماننا بأن الحقيقة تفرض نفسها في النهاية.
هذا الاطمئنان بطبيعة الحال ليس بديلاً عن جهود تبذل مع وسائل الإعلام المعنية لإسماعها رأينا وتزويدها بالمعلومات الصحيحة، وحثها على الالتزام بشعارات الدقة والموضوعية والنزاهة التي تتفاخر بها على الآخرين.
السؤال السادس: هناك تراجع في حجم الأعمال في الإمارات خلال الأشهر القليلة الماضية، ويبدو أن أقسى نتائج هذا التراجع أصابت الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، هل هناك خطط لإنعاش قطاع الأعمال الصغيرة، والتي تعتبر عادة بأنها محرك النمو الاقتصادي؟
ندرك دور وأهمية شركات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، والتراجع الذي شهدته أعمالها هو تراجع مؤقت، نجاحنا في تجاوز الأصعب سينعكس إيجابياً على اقتصادنا الكلي، وسيلمس ذلك الفاعلون فيه كافة، سواء شركات كبرى أم متوسطة أم صغيرة. نحن في وضع أفضل بكثير من غيرنا، والمؤشرات المشجعة بدأت في الظهور، وبينها تحسن معدلات السيولة في الجهاز المصرفي، وعودة المصارف لتنشيط الائتمان، وازدياد حركة المستثمرين المتطلعين لاغتنام الفرص السانحة في قطاع العقار والأسواق المالية.
السؤال السابع: من الواضح أن الإقليم يتطلع إلى الطاقة النووية كوسيلة لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية، ما هو رأيكم في انتشار الطاقة النووية في الشرق الأوسط؟
موقف الإمارات واضح ومعلن، للدول كافة الحق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ونتطلع إلى اليوم الذي يعلن فيه الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، ومن أسلحة الدمار الشامل كافة.
أسئلة من علي مطلق القحيص الشمري - صحيفة "الرياض"- السعودية
السؤال الأول: ما تعليقكم على الشائعات حول تعرض سموكم إلى عارض صحي مؤخراً؟ ندعو الله العلي القدير أن تكون مخطئة، وأن يديم على سموكم ثوب الصحة والعافية، وأن يطيل في عمركم ويلبسكم ثوب العزّ والسعادة، لتكونوا نموذجاً يحتذى به في المنطقة.
الإشاعات التي طالتني هي جزء مما يشبه الحرب النفسية، التي شنت على دبي خلال الأشهر الماضية، والإشاعات لم تستهدف يوماً الفاشلين والمتخلفين والهامشيين، الذين لا ظل لهم ولا مدى، وأنا شخصياً لا أعير الإشاعات اهتماماً، لأن حبلها قصير، وحين يكتشف الناس الحقائق يزداد احترامهم وتقديرهم لك، وتسمو عاطفتهم نحوك، ويصغر في أعينهم مطلقو الإشاعات ومروجوها، الذين وصفهم ديننا الحنيف بأنهم فاسقون، وطلب من المؤمنين التيقن مما ينقل إليهم: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
أنا والحمد لله بخير، وصحتي في أحسن حال، ونفسي مطمئنة، وأمارس برنامجي اليومي كالمعتاد، وأيضاً أمارس هواياتي، وبخاصة رياضة ركوب الخيل وسباقات القدرة، وفي الأشهر الأخيرة شاركت في أربعة سباقات قدرة في الإمارات وخارجها، طول الواحد منها 120 كيلومتراً
السؤال الثاني: مع نهاية الربع الأول من عام 2009، ما هو تقييم سموكم للأداء الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في ظل الأزمة المالية؟ وما هي رؤاكم وإستراتيجية حكومة الإمارات للنهوض بالاقتصاد الوطني والخروج من نفق الأزمة أقوى مما كان عليه الوضع قبل الأزمة المالية؟ وما هو ردكم على الشائعات المغرضة البغيضة، التي تحدثت حول تحول مدينة دبي إلى مدينة أشباح، وما إلى ذلك؟ ورددنا عليها في صحيفة الرياض، حيث كتبت مقالات عدة، منها "أبراج دبي وفحيح الأفاعي" و "رغم الأزمة دبي مزدحمة"، وغيرهما!
أداء اقتصادنا في الربع الأول من العام الجاري يؤكد أننا سلكنا طريق الخروج من نفق الأزمة، وأننا نسير في الاتجاه الصحيح.
وسيتعافى اقتصادنا في وقت أسرع من الاقتصاديات الأخرى كافة ، لكن سرعة التعافي لا تحددها فقط مقومات اقتصادنا القوي وإمكانياته الوفيرة، إنما أيضاً تطورات الاقتصاد العالمي، وكفاءة إجراءات الإنعاش في دول الاقتصاديات الكبرى، التي تعرف اليوم بمجموعة العشرين، والبالغة مساهمتها في حركة التجارة العالمية حوالي 90% من إجمالي التجارة العالمية، وناتجها المحلي الإجمالي حوالي 60% من إجمالي الناتج المحلي في العالم بأسره، وكذلك كفاءة الإجراءات الدولية المتعلقة بالرقابة على الأسواق، وبدور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.
أنا متفائل بأن حسن تنفيذ قرارات قمة العشرين، وقيام صندوق النقد الدولي بالأدوار المناطة به سيسرعان من تعافي الاقتصاد العالمي.
السؤال الثالث: منذ فترة نشرت بعض الصحف الغربية تقارير مغرضة بحق دولة الإمارات، معتبرة أن حقوق الإنسان منقوصة في الإمارات فيما يخص العمالة الأجنبية، وعدم وجود انتخابات حرة في دولة الإمارات، ما رأيكم في هذه المزاعم المغرضة والمشوهة لصورة الإمارات المشرقة؟ وما هو في رأيكم سبب بث هذه السموم بين الفينة والأخرى؟
لهم أن يكتبوا التقارير التي يريدون، وأن يعزفوا على الأوتار التي تطربهم، نحن لا نضيق بالنقد، ولا نخاف من الحملات، لديهم نماذجهم وتجاربهم وقيمهم ومعاييرهم ومرجعياتهم الفكرية والثقافية، ولدينا نموذجنا وقيمنا ومعاييرنا ومرجعياتنا، نحن منفتحون على مجمل التجربة الإنسانية في المجالات كافة، ونتعلم منها، لكننا لن نكون يوماً من الذين يستوردون النماذج الجاهزة، نحن لا نرضى ذلك لأنفسنا، ومجتمعنا كذلك.
أما بالنسبة لأوضاع العمالة الأجنبية، فهذا موضوع قديم يعاد إنتاجه بين الحين والآخر، نعم أوضاع شرائح من العمالة الأجنبية ليست في الحال التي نقبلها ونتمناها، ونحن جادون في تحسين هذه الحال، وهي تسجل تحسناً سنة بعد أخرى.
منذ سنوات وأحاديثهم عن أوضاع العمالة الأجنبية لم تتوقف، وهي أحاديث متاحة للجميع وللدول المزودة للعمالة، وكلها لها سفارات في الدولة، فإذا كانت أوضاع العمالة بالصورة التي تطرحها بعض التقارير الأجنبية، فلماذا يسعى الملايين للقدوم إلى بلادنا للعمل؟ أحد أهم مسببات مشاكل العمال مصدرها الدول التي تترك لبعض مواطنيها فرص ابتزاز الراغبين بالعمل في الإمارات، وغيرها من دول المنطقة.
أسئلة من دلال أبو غزالة صحيفة "الحياة" - لندن
السؤال الأول: أثبتت الإمارات قدرتها على إدارة الأزمات السابقة، من حربي الخليج الأولى والثانية إلى أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية، ما هي الخطوات التي تتبعها القيادة العليا للخروج من الأزمة المالية الحالية؟ وهل يتضمن ذلك إعادة تقويم إستراتيجية الإمارات وخططها للأعوام القليلة المقبلة؟
تقويم الاستراتيجيات والخطط عملية دائمة في جميع الأوقات، وليس في وقت الأزمات فقط، الحياة حافلة بالمتغيرات والمستجدات، والأريب هو من يحسن رصدها وغربلتها ومعرفة اتجاهاتها، وكيفية تأثر استراتيجياته وخططه بها، ومدى هذا التأثر.
السؤال الثاني: تحاول بعض وسائل الإعلام والمؤسسات الغربية النيل من سمعة الإمارات عموماً، سواء من تقارير إعلامية "مضخمة" عن مدينة دبي، أو من خلال تقارير غير دقيقة من "هيومان رايتس ووتش" عن وضع الإعلام في الإمارات، ما هي أسباب هذه الهجمة في رأيك؟ وهل ترون أيادي خفية لإسرائيل أو جهات أخرى وراء هذه الحملة؟ وما ردكم عليها؟
لا يهمنا من يقف وراء الحملات، بل ما تتضمنه التقارير، سواء كانت إعلامية أو صادرة عن منظمات أهلية دولية، ونحن نتعامل مع هذه التقارير بموضوعية، وحين يطلب أصحاب هذه التقارير زيارة الإمارات ولقاء المسؤولين المعنيين، نستقبلهم ونرحب بهم، ونناقشهم ونطلعهم على الحقائق، ونسمع منهم ويسمعون منا.
وبالنسبة لتقرير "هيومان رايتس ووتش" عن وضع الإعلام في الإمارات، فقد كان وفد هذه المنظمة في الإمارات الأسبوع الماضي، والتقى المسؤولين المعنيين، الذين فندوا الملاحظات وشرحوا بنود مشروع القانون كما هي حقيقتها، وليس كما يتم تأويلها من البعض.
صحيفة الإمارات اليوم
السؤال الأول: تتعرض الدولة في إعلام إقليمي وعالمي إلى حملة تشكيك في قدرتها على تجاوز الأزمة المالية العالمية، كيف تقيّمون سموكم مثل هذه الحملات؟ وكيف يمكن الرد عليها برؤى وأدوات مختلفة، من بينها تطوير الإعلام المحلي؟
هذه الحملات مثل سابقاتها، زبد سيذهب هباءً، ودائماً نرد بالعمل والإنجاز والسير قدماً إلى الأمام، لدينا في دولة الإمارات مناعة ضد الحملات الإعلامية وضد التشكيك، تجاربنا وخبرتنا حصنتنا، وإنجازاتنا تكفلت بالرد. حينما أقمنا دولتنا الاتحادية، فوجئنا بحملات وتحليلات وتكهنات، بل وبتشكيك في إمكانية استمرار الاتحاد، ولم يسلم مشروع كبير أطلقناه من الحملات والشائعات والتشكيك، لقد ذهبت كل تلك الحملات أدراج الرياح، وصار الناس يتندرون بها، وتوارى أصحابها وراء خيبة أعمالهم.
أما عن اقتراحك بالرد على الحملات برؤى وأدوات مختلفة، من بينها تطوير الإعلام المحلي، فالإمارات، وعلى أعلى مستوى، أوضحت الحقائق وذكرت بالبديهيات، ومن لم يشأ أن يسمع ويفهم، فهو حر، ردنا المفحم سيظل في عملنا وإنجازاتنا، والتطوير يجب أن يظل هاجساً دائماً لإعلامنا الوطني، لكن لن يتمكن أحد من جرّ إعلامنا إلى مطارحات ومهاترات. سياساتنا واضحة، وإجراءاتنا شفافة، ودائماً في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
السؤال الثاني: اتخذت الحكومة تدابير لافتة في إطار مكافحة الفساد من خلال إحالة أشخاص في مواقع قيادية إلى القضاء، ما هي الخطوة التالية في هذا الملف؟ وهل تعتقدون أن هناك حاجة لجهاز رقابي مستقل، يتابع ويراقب الأجهزة الحكومية والمؤسسات شبه الحكومية؟
أجهزة الرقابة المستقلة موجودة وتقوم بعملها، سواء على مستوى ديوان المحاسبة الاتحادي أو على مستوى دوائر ومؤسسات المحاسبة والمراجعة المالية المحلية. وفي وقت سابق زرت ديوان المحاسبة، واطلعت على أوضاعه، واستمعت إلى موظفيه، وأمرت بتطويره وتحديث وسائل عمله، ورفده بالكفاءات المناسبة ليكون أكثر فاعلية وقدرة على أداء المهام المنوطة به، كذلك يجري تطوير دائرة المراجعة المالية في دبي، وهناك جهات رقابية في كل الإمارات.
السؤال الثالث: استقبلتم يوم الثلاثاء الماضي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في دبي، ورافقتموه في جولة على معالم دبي، هل لهذه الزيارة والجولة معانٍ خاصة عند سموكم؟
لقاءاتي بأخي الشيخ خليفة لا تنقطع، فهو رفيق الدرب، وهو قائدنا ورئيس دولتنا، وهذه بلاده، له فيها أكثر مما لنا فيها، وسموه حريص على المتابعة الدائمة لمسيرة التنمية في الإمارات، والاطمئنان على أحوال شعبه في أرجاء الدولة كافة.
كل زيارات سموه إلى دبي مهمة، لكن لا شك في أن لزيارته الأخيرة أهمية خاصة، فقد تفقد سموه المعالم الجديدة، وأبدى ارتياحه للإنجازات التي تحققت، وكانت زيارته إلى دار الاتحاد تكريماً لهذه الدار، التي شهدت إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
أسئلة جريدة "الشروق"- مصر
السؤال الأول: منيت الأموال العربية، وخاصة الخليجية منها، بخسائر كبيرة من الاستثمار في الأسواق الدولية جراء الأزمة المالية العالمية، وكذلك لم تسلم الصناديق السيادية العربية من ضياع جانب كبير من أموالها، كيف استفادت دولة الإمارات من هذا الدرس القاسي؟ وهل تعيد توجيه أموال الصناديق السيادية نحو الأسواق العربية في الفترة المقبلة؟ وهل هناك أية خطط مستقبلية لتوجيه جانب من هذه الصناديق للاستثمار في مصر؟ وهل تصبح الأزمة فرصة لعودة الأموال العربية لأرضها؟ أم سنعيد الكرة مرة أخرى عند التقاط العالم المتقدم لأنفاسه؟
الاستثمارات كافة في أنحاء العالم كافة تأثرت بالأزمة، لكن الحديث عن خسائر كبيرة ليس دقيقاً، لأن القسم الأكبر من الاستثمار هو في أصول إنتاجية، ومادمت أنك لست مضطراً لتسييل بعض الأصول، فالخسارة دفترية فقط، ولن تستمر طويلاً، فالأزمة - مهما طالت - مؤقتة، والخروج من الركود الاقتصادي العالمي أكيد، وستسترد الأصول ما خسرته دفترياً.
أما توجيه أموال صناديق نحو الأسواق العربية، فهذه الصناديق تستثمر في الدول العربية، المهم أن تتوفر بيئة الاستثمار، وأن تتوفر قنوات الاستثمار، ويجب أن تتيقّن أن الاستثمارات تحتكم إلى منطق الجدوى الاقتصادية، ودعك من أي ادعاءات أخرى، وأنا أحدثك عن تجربة. بيئة الاستثمار المواتية في دولة الإمارات جذبت استثمارات عربية ودولية ضخمة، وبالنسبة لمصر، فإن التحسن في بيئة الاستثمار هو الذي جذب ويجذب إليها المزيد من الاستثمارات العربية وغير العربية، ويقيني تام بأن المستثمرين العرب، وخصوصاً الخليجيين، يفضلون الاستثمار في الدول العربية كلما توفرت الفرص والبيئة المواتيتين للاستثمار.
السؤال الثاني: هل اتجاه بعض المستثمرين الإماراتيين للبحث عن شراء أصول بعض المؤسسات أو الشركات، التي انهارت في الخارج، وانخفضت أسعارها، مثل الصفقة الأخيرة لشركة "آبار"، التي اشترت 9%من ديلمر الألمانية، فضلاً عن دراستهم شراء حصة في شركة أوبل، هل هذا التوجه لشراء أصول الشركات في الخارج يعدّ مخاطرة جديدة بالأموال العربية؟ وتصميم للاستثمار الخاص العربي على الاستثمار بعيداً عن أرضه؟
بدايةً، لا يوجد استثمار في أي مكان في العالم لا ينطوي على مخاطر، سواء في الأوقات العادية أو في أوقات الأزمات، والمهم أن تكون المخاطر محسوبة، كذلك لا توجد أزمات لا تنطوي على فرص، والمستثمر الذكي هو من يغتنم الفرص الواعدة. المستثمرون الإماراتيون لا يتجهون للاستثمار في بعض المؤسسات والشركات التي انهارت، كما رأيت، استثماراتهم مدروسة، وفي شركات تمتلك أصولاً إنتاجية قوية مثل الشركات التي أشرت إليها.
السؤال الثالث: كانت هناك محاولات عديدة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، وآخرها زيارة رئيس وزراء انجلترا لبعض الدول الخليجية، من أجل اقتسام الأزمة العالمية مع الدول العربية، وجعلها تدفع ثمناً لإخراج العالم المتقدم من أزمته المالية، هل تقبلون هذه القسمة؟ وهل ترونها عادلة؟
لم يكن هدف الزيارات اقتسام الأزمة العالمية مع الدول العربية، وجعلها تدفع ثمناً لإخراج العالم المتقدم من أزمته المالية، هناك تصورات بأن القدرات المالية العربية خارقة، وذات تأثير ضخم في الاقتصاد العالمي، يا ليت أن هذا الأمر صحيح، القدرات المالية العربية مهمة، لكنها متواضعة قياساً إلى حجم الاقتصاد العالمي، وقياساً إلى ضخامة الأزمة المالية العالمية، ولعلك لاحظت أن دولة عربية واحدة، هي السعودية، شاركت في قمة الدول العشرين الأقوى اقتصادياً، بينما حضرت دول عدة من شرقي آسيا، ومن دول أمريكا اللاتينية، فضلاً عن أوروبا وأمريكا الشمالية.
السؤال الرابع: أعلن عدد من الوزراء في مصر عن قرب عودة عدد كبير من المصريين العاملين في دول الخليج، مما يمثل تحدياً أمام الاقتصاد المصري، ما هي توقعاتكم لحجم العمالة العائدة من دولة الإمارات، سواء من المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص؟ وهل هناك أية خطط للمحافظة على بقاء هذه العمالة في المؤسسات الحكومية، أو إعطائها أولويات عند تسريح العمالة؟
العدد ليس كبيراً، ولا يشكل نسبة ذات شأن في حجم العمالة الوافدة، بما فيها العمالة المصرية، أما بالنسبة للحكومة، فلا يوجد إنهاء خدمات لأي من الموظفين، وبالمناسبة، في مقابل الوظائف التي ألغيت في الشركات الأكثر تأثراً بانعكاسات الأزمة، تخلق وظائف جديدة في شركات أخرى، وأنا متأكد من عودة التوظيف إلى مستوياته وفي وقت ليس ببعيد، لأن الأسوأ في آثار الأزمة صار وراءنا، والانكماش الاقتصادي المحلي والعالمي مؤقت، وهناك تقديرات أن مؤشرات الانتعاش في الاقتصاد العالمي ستظهر مع مطلع العام المقبل.
السؤال الخامس: ما مصير العملة الخليجية الموحدة، التي كانت على وشك التحقق قبل ظروف الأزمة العالمية؟ وهل قرار التأجيل عن الموعد الذي كان مقرراً لها في العام المقبل يعتبر تأجيلاً لأجل غير مسمى؟ أم أن هناك خططاً جديدة لإخراج هذه العملة للنور ؟
لا تراجع عن العملة الخليجية الموحدة، وقد قطعت الجهات المختصة في دول المجلس شوطاً مهماً في إنجاز المتطلبات التنظيمية والفنية، والعمل متواصل لاستكمال هذه المتطلبات، أما تأجيل الموعد عن مطلع سنة 2010، فلا يعني أبداً تأجيلاً لأجل غير مسمى.
إصدار عملة موحدة لأي تجمع اقتصادي يستغرق وقتاً لضمان كفاءة الإجراءات ونجاح التطبيق، وأرجو أن تتذكر التجربة الأوروبية في هذا الخصوص، وحجم الإجراءات، وطول الوقت الذي استغرقه إصدار اليورو.
أسئلة من ثابت أمين عواد صحيفة "الأهرام" المصرية
السؤال الأول: لاشك في أن التخطيط الجيد يعدّ أهم الأسباب وراء نجاح الإمارات، يعززه رصد دقيق للتحديات والبحث عن الفرص، وأنتم تخططون للمستقبل، كيف ترون حجم التحديات ومستوى استعداد الدولة لمواجهتها؟
التحديات رفيق الإنسان طيلة حياته، ومعظمها معروف، تتعامل معه بالتخطيط والمتابعة والمشاريع والبرامج، وتتحسب لتطوراته واحتمالاته كافة من دون إهمال أي احتمال مهما بدا بعيد الوقوع، لكن هناك تحديات مفاجئة منشؤها بعيد عنك، لكنك تتأثر بها، كما في الأزمة المالية العالمية، التي نشبت في الولايات المتحدة، وامتدت إلى اقتصاديات الدول المتقدمة وبقية أرجاء العالم. هنا يجب أن تكون مستعداً للتعامل بكفاءة مع انعكاسات هذه التحديات على بلدك وأمنك واقتصادك، ونحن في دولة الإمارات نعرف تماماً التحديات التي نواجهها، ومستعدون دائماً لأسوأ الاحتمالات، ومستعدون أيضاً لمواجهة المفاجآت، مهما كانت ضخمة الحجم والآثار.
السؤال الثاني: تؤكدون دائماً أن التحدي الرئيسي، الذي يواجه عالمنا العربي، هو تحدي التنمية في عصر المعرفة، مجسداً في التنمية البشرية، هل ترون أن مؤسساتنا التعليمية الراهنة تتمتع بالكفاءة والمقدرة على إعداد جيل جديد قادر على التفاعل مع هذا التحدي ومواجهته؟ وكيف؟
لست في موقع تقييم كفاءة المؤسسات التعليمية العربية، لكن هناك شكوى على امتداد الأرض العربية من تدني مستوى التعليم العام والجامعي، ومركز الجامعات العربية في قوائم التصنيف العالمي لأفضل الجامعات لا يسر حريصاً، ولا أحسبه يرضي الهيئات الأكاديمية.
نعم التحدي الرئيسي، الذي يواجهه عالمنا العربي، هو تحدي التنمية في عصر المعرفة، ومن دون تطوير التعليم بكل مراحله، لن يكون سهلاً تحقيق التنمية، وعلى الرغم من أهمية دور الدولة في تطوير التعليم، فإن جهد التطوير هو مسؤولية المجتمع بأسره، وعلى الدولة أن تقود هذه الجهود، وتشرك أوسع شرائح المجتمع فيها. أليس من العجيب أن نشارف العقد الثاني من الألفية الثالثة ومتوسط نسبة الأمية في العالم العربي يزيد على 30%؟
السؤال الثالث: في خضم الأزمة العالمية يتزايد حجم الأصوات والرؤى، آخرها قمة العشرين في باريس، مطالبة بإعادة النظر في النظام الاقتصادي العالمي، بل تعلن فشل النظام الرأسمالي برمته، ألا يستحق هذا التوجه أن تسعى الإمارات، لما لها من رصيد عربي وإقليمي ودولي، في أن تفتش عن سمات جديدة للأنشطة المالية والتجارية، وتعلن عن توجه جديد، وليكن النظام المصرفي الإسلامي أحد ملامحه، ليشكل بديلاً ولو مؤقتاً للنظام الاقتصادي العالمي الحالي، الذي يشهد إخفاقات متوالية.
الإمارات، سواء بجهودها أو عبر مجلس التعاون والجامعة العربية والمؤسسات الدولية المتخصصة، تؤدي دورها، ولها صوت مسموع. النظام الرأسمالي لم يفشل، ما فشل هو الليبرالية الاقتصادية المفرطة، التي جهدت لإبعاد المؤسسات الحكومية التنظيمية والرقابية عن الأسواق والمصارف، فكانت الأزمة المالية العالمية.
لا شك في أن العالم على موعد مع نظام اقتصادي ومالي جديد، وما نتائج قمة العشرين إلا من مقدمات ذلك، ولكن لن يكون الاتفاق على شكل ومضمون النظام الجديد وشيكاً، فالموضوع مصالح اقتصادية كبرى حافلة بالمنافسات الشديدة والتدافع، ولن يتخلى فريق ما بسهولة عن مركزه أو مكاسبه لأسباب أخلاقية فقط، أو حرصاً على استقرار الاقتصاد العالمي وعودة الانتعاش.
أما بالنسبة لاقتراحك بشأن النظام المصرفي الإسلامي، فالنشاط المصرفي الإسلامي محل اهتمام القطاع المصرفي العالمي، لكن أن يكون بديلاً، ولو مؤقتاً، فالمسألة أعقد كثيراً من هذا الطرح، وتتصل بطبيعة النظم الاقتصادية، وأحجام اقتصاديات الدول، وحجم المصارف الإسلامية في مجمل قطاع المصارف العالمي.
أنا أتفهم حميتك، لكنك تدرك، ولا شك، واقع تمركز وتوزع القوة الاقتصادية والعسكرية والعلمية والاجتماعية العالمي، وطبيعة التنافس الحضاري، والارتباط الشديد بين الحضارات والأديان.
السؤال الرابع: هناك جوانب أخرى عديدة للأزمة المالية العالمية، تجسدت في تنقية الكفاءات وإعادة النظر في الخبرات الوافدة، إضافة إلى تقوية عرى الكيانات الاتحادية، التي ساندت إمارات الدولة، ما هي في رأيكم الدروس المستفادة من وراء هذه الأزمة، سواء على المستوى المحلي أو المستوى الاتحادي؟
دروس الأزمة عديدة، أهمها تأكيد دور الدولة في تنظيم ومراقبة الاقتصاد الكلي والأسواق، وتأكيد حقيقة وحدة الاقتصاد العالمي ووحدة السوق العالمية. اتساع نطاق الأزمة ليشمل أرجاء العالم كافة يؤكد هذه الوحدة، والسعي الدولي المشترك، وإقرار الرئيس أوباما علانية بأن الولايات المتحدة لا تستطيع وحدها مواجهة الأزمة العالمية، هما تأكيد آخر لوحدة الاقتصاد والسوق. ومن دروس الأزمة، الحاجة الملحة لتطوير أنظمة واختصاصات وآليات عمل المؤسسات الدولية المالية، بما يتناسب مع حقيقة وحدة الأسواق والاقتصاديات، وتعدد اللاعبين الكبار المؤثرين.
بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، نجري مراجعات واسعة عبر لجان اتحادية ومحلية متخصصة، مدركين أن الأزمات - كما تطرح تحديات - فإنها تنطوي على فرص، والفرصة الأولى، التي عليك اغتنامها، هي الاستفادة من دروس وعبر الأزمة، والتهيؤ للتعامل بكفاءة مع عالم ما بعد الأزمة، وهو عالم مختلف تماماً عمّا قبلها.
أما بالنسبة لقوى الكيانات الاتحادية، فالواقع أن قوة هذه الكيانات هي التي مكنتها من مواجهة الأزمة، واحتواء آثارها السلبية.
السؤال الخامس: قلتم إن "رؤيتنا جليّة وأهدافنا واضحة وطاقاتنا كبيرة وعزمنا قويّ ونحن مستعدون، نريد دبي أن تكون مركزاً عالمياً للامتياز والإبداع والريادة، ونحن قادرون على تحقيق الامتياز والإبداع والريادة"، هل مازلتم عند رؤيتكم؟ وكيف؟
نعم، ما زلنا عند رؤيتنا، الخطط والبرامج والمشاريع تتعدل، لكن الرؤية لا تتغير، ونحن نريد الإمارات ودبي مركزاً عالمياً للامتياز والإبداع والريادة، ونحن فعلاً سائرون على الطريق وفي الاتجاه الصحيح.
تسأل كيف؟ أقول لك: الأزمة المالية العالمية تحدٍ واجهناه، وعبرنا أصعب مراحله، نحن ماضون في تطوير التعليم، وفي توخي الامتياز في كل مشاريعنا وأعمالنا، وفي تحصين البيئة المواتية للإبداع والريادة، ما حققناه خلال السنوات العشر الماضية لم يغب عن دوائر الامتياز والريادة، ونحن قادرون وعازمون على تحقيق ما هو أكثر امتيازاً وإبداعاً.