البحث شعبية

أحداث - 28 أكتوبر, 2007

كلمة حاكم دبي خلال إعلانه 25 مشروعاً ثقافياً وتعليمياً ضمن "مؤسسة محمد بن راشد"

أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، اليوم، عن تأسيس "مجمع المعرفة"، وذلك خلال كلمة ألقاها في افتتاحه أعمال المؤتمر الأول للمعرفة، الذي تنظمه "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم". وفي ما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم

ضيوفنا الأعزاء،

السيدات والسادة،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يسعدني أن أرحب بهذه الباقة المتميزة من العلماء والمفكرين والخبراء ورؤساء وأساتذة الجامعات العربية.. أنا فخورُ بوجودكم بيننا، ومشاركتكم في مؤتمر المعرفة؛ باكورة مؤتمرات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.

تعلمون أنني أعلنت في شهر مايو الماضي عن إنشاء المؤسسة، بوقفية تبلغ عشرة مليارات دولار لتنمية المعرفة في العالمين العربي والإسلامي، واليوم يسعدني إبلاغكم أن المؤسسة قد أنجزت خطتها الإستراتيجية، والخطط القطاعية، وستبدأ في تنفيذ مشاريعها على الفور.

لقد حرصت على حضوركم هذه المناسبة، ليس لتكونوا شهوداً عليها فقط، إنما أيضاً لتشاركوا فيها، فأنتم أصحاب هذه المؤسسة، وهي لكم ولأبنائكم ومجتمعاتكم، بجهودكم ومشاركتكم سنمضي معاً لتحقيق أهداف المؤسسة، التي هي أهدافكم.

بداية، سأتحدث باختصار عن المؤسسة ورسالتها وآليات عملها، وسأتوقف أولاً عند بعض الهواجس والأسئلة المطروحة منذ الإعلان عن إنشاء المؤسسة.

أحد الأخوان قال لي: يا محمد أنت في هذه المؤسسة مثل الذي يحرث في البحر، فالتحدي ضخم، وثغرة المعرفة في معظم الدول العربية والإسلامية من دون قاع، والكلام عن بناء مجتمعات المعرفة كثير، لكن العمل قليل، فلماذا تتعب نفسك في هذا الأمر؟

وخلال الدراسات الأولية، لمسنا مخاوف وصعوبات قد تواجهها مشاريع المؤسسة جراء تعقيدات وحساسيات الأوضاع العربية، وجراء حدود وهمية يفترضها البعض لأدوار الدول والمجتمعات والمؤسسات، وجراء محاولات سابقة لم يكتب لها النجاح، وجراء تسلل أمراض البيروقراطية إلى كثير من مؤسسات إنتاج المعرفة.

لا شك في أن الواقع العربي لا يخلو من الأشواك والمطبات، هذا هو واقعنا، نعرفه ونعرف تفاصيله وخباياه، وليس لنا إلا أن نعمل من خلاله، مصممين على تجاوز العقبات، متنبهين للمطبات، ومدركين أن جدارة الإنسان لا تقاس بنجاحه في التكيف مع الواقع كيفما كان، ولا بمهارته في إدارة الأمر الواقع، إنما في قدرته على تطوير الواقع وتغييره إلى الأحسن بالعمل الجاد، والمثابر، والمدروس والمعجون بروح التفاؤل والإيثار والإخلاص، يحدث التغيير ويتحقق التطور.

وكما نجحنا في ميادين عديدة متجاوزين أسئلتها وهواجسها ومخاوفها، سننجح في هذا الميدان، متوكلين على الله أولاً، ومستلهمين روح الإمارات وخبرتها وتراثها في الإنجاز، ومؤمنين بأن الإنسان مفطور على الخير والإيجابية والعطاء للصالح العام، وأن المجتمعات العربية والإسلامية تستحق نوعية حياة أفضل، وحين تتوفر للناس بيئة تحتضن أشواقهم للإنجاز والتقدم، وأنظمة عمل تتوفر على النزاهة، والشفافية، وتكافؤ الفرص، فإنهم سيبدعون وينتجون ويعطون أكثر من المتوقع منهم، ويصلون إلى حدود لم يصلها أحد قبلهم، وهذا بالضبط ما نتطلع إليه في مؤسستنا التي ستقدم بتوفيق من الله، وبجهودكم جميعاً، نموذجاً جديداً لعمل ينفع الناس ويبقى في الأرض وتستفيد منه الأجيال.

السيدات والسادة،

تستند مؤسستنا في عملها إلى الثوابت والمنطلقات التالية:

أولاً: مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، مؤسسة تنموية تملك رؤية واضحة وهدفاً محدداً، هو الإسهام في جهود بناء المعرفة في العالمين العربي والإسلامي.

ثانياً: تدرك المؤسسة أن التخطيط والتنظيم وحسن إدارة الموارد، والوعي على الترابط والتكامل في أدوار منتجي المعرفة، هي من شروط تحقيق التنمية المعرفية المستدامة.

ثالثاً: تدرك المؤسسة أن بناء التراكم المعرفي هو سياق من التجديد والتطوير والتغيير والإصلاح الشامل، وهو عمليات متتابعة ومتداخلة في بيئة منفتحة ومواتية للإبداع والتجريب والابتكار.

رابعاً: تؤمن المؤسسة بأن المعرفة والحرية وجهان لعملة واحدة، وأن بناء مجتمعات المعرفة يتطلب تطوير السياسات والتشريعات والإجراءات الضرورية، لضمان حرية الفكر والبحث والنشر، واستقلالية الجامعات ومراكز البحوث والدراسات، وحماية المفكرين والباحثين والمبدعين.

خامساً: ترتبط مشاريع المؤسسة وبرامجها المعرفية باحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتركز على تحسين البنية التحتية للمعرفة، وتطوير قدرات العاملين فيها.

سادساً: تدرك المؤسسة الأدوار المنتظرة من قيادات ومؤسسات المعرفة، وستعطي أولوية لتحسين أداء المؤسسات وتطوير مهارات قياداتها في التخطيط الاستراتيجي وأساليب الإدارة الحديثة، وتكوين أجيال جديدة من القيادات الشابة.

سابعاً: لن تقبل المؤسسة في تنفيذ كافة مشاريعها وبرامجها بأقل من أفضل الممارسات العالمية، في الإنتاجية والجودة ومعدلات التنفيذ.

ثامناً: سيتركز عمل المؤسسة على التخطيط والمتابعة والتحفيز، وستنفذ مشاريعها وبرامجها بالشراكة مع مؤسسات المعرفة، ومنتجي المعرفة، وستتابع التنفيذ وفق أعلى معايير الأداء الدولية.

تاسعاً: تتبنى المؤسسة وتساعد وتمول المشاريع والمبادرات والبرامج ذات الجدوى المعرفية. وبالتالي هي ليست جمعية خيرية، ولا صندوقاً للهبات والعطايا.
وسيرتبط تمويل المشاريع المعتمدة بمعدلات الإنجاز ومستوى الجودة وتحقيق النتائج المحددة سلفاً.

عاشراً: المؤسسة ليست منافساً لأية من المؤسسات الأخرى، وهي منفتحة على الجميع، ومستعدة للتعاون مع كافة العاملين في حقول المعرفة.
هذه الثوابت هي الإطار الحاكم لعمل المؤسسة، وهي المرجعية في دراسة وتقييم البرامج والمشاريع والاقتراحات والأفكار الجديدة.

السيدات والسادة،

إن التحديات التي نواجهها في العالمين العربي والإسلامي، هي تحديات بقاء، وليس فقط تحديات إصلاح وتطوير، مركزنا المعرفي هو الذي سيقرر إلى حدِ بعيد قدرتنا على تجاوز هذه التحديات، لنأخذ تحدي البطالة نموذجاً، حيث أن نسبتها في المنطقة العربية الأعلى في العالم.

 التحدي المطروح علينا جميعأً ليس فقط إيجاد وظائف للعاطلين عن العمل اليوم، إنما إيجاد ثمانين مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة. كيف سنواجه هذا التحدي؟

المهمة ليست سهلة، فلم يسبق لمنطقة في العالم مماثلة لمنطقتنا، أن خلقت 80 مليون وظيفة خلال عقد واحد، وإذا كانت معدلات النمو الاقتصادي في الفترة الماضية قد عجزت عن خلق وظائف كافية، فكيف ستكون الحال مع انتقال العالم من الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد المعرفة؟ كيف سنواكب هذا الانتقال ونسبة الأمية المرتفعة مازالت من أعلى النسب في العالم، ونسبة الإنفاق على البحث العلمي من أقل النسب في العالم، والفجوة بين مهارات الخريجين والعمال المؤهلين وبين المهارات المطلوبة في سوق العمل مازالت على اتساعها؟

أما الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل غالبية القطاع الخاص، ولها دور أساسي في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق الوظائف الجديدة، فمازالت تعاني من نقص الخبرة والتمويل اللازم للبحث والتطوير وتحسين أنظمة العمل وتحديث الآلات والمعدات.

في ظل هذه الحقائق، كيف ستنتقل منطقتنا إلى اقتصاد المعرفة؟ وكيف سنتمكن من خلق ثمانين مليون وظيفة خلال العقد المقبل؟

بالطبع لسنا في زمن المعجزات، ولا توجد حلول سحرية أو وصفات جاهزة. إما أن نصنع المعجزات بأيدينا، ونبدع الحلول بأنفسنا، وإلا فالمنطقة على موعد مع عشرات الملايين من الشبان المحبطين والغاضبين، ولكم أن تتخيلوا نتائج ذلك!

خيارنا الوحيد في الحكومات في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني، هو العمل، والعمل بسرعة وتنظيم ودراسة وتخطيط.
وحين ينهض كل منا بمسؤوليات موقعه، أياً كان هذا الموقع، ويحسن إدارة إمكانياته مهما كانت الإمكانيات، فإننا قادرون على سد النواقص، وتجاوز العقبات، والانتصار على التحديات، وتحقيق التنمية الشاملة والدائمة.

الأخوات والإخوة،

أنشأت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لإيماني بأن مستقبلنا في المنطقة واحد، وأن مجالات التعاون واسعة جداً وتنتظر المبادرين، وأن النجاح الذي حققناه في دولة الإمارات يمكن تحقيقه في الدول الأخرى، وأن عدوى النجاح حميدة ويجب أن تنتشر بمساعدة الناجحين، بينما نتائج الفشل كارثية، تنتشر من تلقاء نفسها، ولا تستأذن أحداً، وتؤثر في الجميع.

ستعمل مؤسستكم في المجالات التي من شأنها الإسهام في تسريع انتقال مجتمعات المنطقة واقتصاداتها إلى عصر المعرفة، من خلال بناء القدرات في حقول التعليم والثقافة والابتكار وريادة الأعمال، ستركز مؤسستكم عبر مشاريعها وبرامجها على بناء ثقافة الابتكار والإبداع والتجديد في مؤسسات إنتاج المعرفة، ومؤسسات الأعمال في القطاعين العام والخاص، وستهتم بتطوير قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة، لتستطيع البقاء والانطلاق والتوسع، والقيام بدورها في خلق الوظائف الجديدة.

قبل أربعمائة سنة، كان التجار العرب والمسلمون يسيطرون على الجزء الأكبر من شبكة التجارة العالمية، واليوم وفي هذا السوق العالمي الواحد، بالكاد يستطيعون المنافسة في أسواق بلدانهم. نريد لهم أن يتمكنوا في أسواقهم، وأن ينافسوا في أسواق العالم.

إذا لم نساعد هذه الشركات على اكتساب أساليب اقتصاد المعرفة في الإدارة والتمويل والتسويق والجودة، فإن عمليات التنمية على موعد أكيد مع الأزمات والاختناقات، ولن يكون ممكناً خلق نصف الثمانين مليون وظيفة خلال السنوات العشر المقبلة.

الأخوات والإخوة،

منذ ألف وأربعمائة وعشرين عاماً، اقترن العلم عندنا بالإيمان، وكنا المتقدمين في إنشاء المدارس ودور العلم والمختبرات والمستشفيات والوقفيات، وكنا المتفوقين علمياً وحضارياً واقتصادياً، وكانت حواضرنا قبلة الباحثين عن العلم والمعرفة.

نعتز بهذا الماضي وإنجازاته العلمية، لكن هذا الاعتزاز لا يخفف من وطأة الحاضر المرير للتعليم والجامعات والمختبرات والإنتاج العلمي والفكري الأصيل والمترجم والوقفيات المخصصة للصالح العالم.

أنتم أيها الأساتذة والعلماء والمفكرون خير من يعرف واقع الحال، ومدى صلاحية هذا الواقع في عصر المعرفة، وأنتم لا شك تدركون أثر التخلف المعرفي في قوة ومناعة وتماسك المجتمعات العربية والإسلامية، وفي طبيعة ومستوى تفاعلها مع حراك العولمة الاقتصادي والسياسي والثقافي، وفي فرص نجاحها في تحقيق التنمية المستدامة، وفي إمكانيات انضمامها إلى القوى الجديدة الصاعدة إلى مراكز حضارية واقتصادية وعلمية متقدمة.

وتعرفون أيضاً أن التحدي الكبير في قضية المعرفة لا يقتصر على النقص في انتاجها، ونوعية هذا الإنتاج، إنما يتعداه إلى الضعف والهشاشة في مكونات البنية الأساسية للمعرفة، وفي هياكلها وإداراتها وأنظمتها وثقافة العمل السارية فيها.
مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ستطلق جهداً منظماً، وعملاً مدروساً للمشاركة في مواجهة هذا التحدي، ويسعدني أن أعلن اليوم عن مشاريع المؤسسة في المرحلة المقبلة:

أولاً: تقرير المعرفة العربي
ستصدر المؤسسة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً سنوياً متخصصاً في شؤون المعرفة، سيوفر التقرير مؤشراً عربياً لقياس حال المعرفة في الدول العربية، من أجل مساعدة المسؤولين على تقييم الأداء، وتطوير الخطط، وإذكاء روح المنافسة في ميدان تطيب فيه المنافسة.

ثانياً: برنامج تحسين جودة التعليم الجامعي
إذا أردنا لجهود المعرفة أن تثمر، فعلينا أن نبذل غاية الجهد، ونسابق أنفسنا وزماننا لتطوير التعليم الجامعي في العالم العربي.
مؤسستكم ستساهم في هذا الجهد، وستعمل مع برنامج الأمم المتحدة للجودة والاعتماد، وصولاً إلى مؤسسة عربية مستقلة، تضاهي أهم المؤسسات الإقليمية في العالم المتقدم، وتعمل بمعايير دولية وخبرات دولية.

ثالثاً: شبكة الأبحاث العربية
ستمول هذه الشبكة الأبحاث، وتفتح قنوات فعالة للتعاون بين العلماء والدارسين العرب، وستبدأ الشبكة بمشروعين، هما: شبكة الإدارة العامة، والمجلس العربي للعلوم الاجتماعية.

رابعاً: شبكة معلمي المدارس
ستطلق هذه الشبكة برامج لتدريب المدرسين، وستربط بين أساتذة المدارس في العالم العربي، ليتمكنوا من عرض وتبادل الخبرات والأفكار والتجارب، والتعرف إلى المناهج، والتشارك في البحوث ودراسة الحالات والنماذج.

خامساً: شبكة تدريب طلاب الجامعات
ستعمل هذه الشبكة على تحقيق التواصل بين طلاب الجامعات الباحثين عن فرص التدريب العملي، والشركات العربية الباحثة عن الخريجين الواعدين.

سادساً: برنامج البعثات
يستهدف البرنامج نخبة المهنيين العرب الشبان الراغين في دراسة الماجستير في أكثر الجامعات تقدماً في العالم.

سابعأً: برنامج الرواد
يستهدف البرنامج خريجي الجامعات المتفوقين والراغبين في مواصلة الدراسات العليا في إحدى الجامعات العربية الأكثر تقدمأً في مجال تخصص الخريج.

ثامناً: برنامج الماجستير الإلكتروني للنساء
يخدم هذا البرنامج النساء الطموحات اللواتي تحول التزماتهن العملية والعائلية دون الالتحاق بالمعاهد والجمعات لاستكمال الدراسات العليا.

تاسعاً: برنامج المهارات القيادية العربية
يهدف البرنامج إلى بناء القدرات في مجال قيادة المؤسسات والأفراد والمجموعات، وهو مفتوح للطامحين والمؤهلين من الشبان العاملين في القطاعين الحكومي والخاص.

عاشراً: برنامج رواد الأعمال
سيتم تنفيذ هذا البرنامج مع الجامعات الراغبة في إكساب طلابها مهارات إطلاق أعمالهم الخاصة، وستنظم المؤسسة مسابقة بين أفكار المشاريع الجديدة، وستدعم كل فكرة تثبت جدواها.

حادي عشر: برنامج حاضنات الأعمال في الجامعات
يستهدف البرنامج تشجيع الطلاب على الابتكار، وتسهيل تطبيق الابتكارات الجديدة في الحياة العملية، سيعمل البرنامج مع حاضنات الأعمال الموجودة في الجامعات، وسيساعدها على تطوير قدراتها، وسيدعم انشاء حاضنات جديدة في الجامعات الراغبة في ذلك، وسيربط بين الابتكارات وصناديق التمويل وقطاعات الأعمال.

ثاني عشر: صندوق المحتوى العربي الإلكتروني
يستهدف البرنامج تطوير المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، من خلال دعم أفكار ومشروعات الشباب في مجال البرامج والمواقع العربية على الشبكة الإلكترونية.

ثالث عشر: برنامج صناعة الخير
يستهدف هذا البرنامج مساعدة وتطوير قدرات المانحين، سواء كانوا أفراداً أو جمعيات أو هيئات خيرية، على إنشاء المشاريع الخيرية الإنتاجية للمساهمة في تحويل متلقي المساعدات إلى منتجين يعتمدون على أنفسهم.

رابع عشر: مجمع المعرفة
يسعدني أن أعلن اليوم عن تأسيس "مجمّع المعرفة"، ليكون في مكانة القلب من مشاريع مؤسسة محمد بن راشد، مهمة المجّمع باختصار هي توفير مصادر المعرفة، ونشرها وتسهيل الوصول إليها، ورعاية المشاركين في إنتاجها، والقادرين على الإنتاج بخاصة من الشبان والشابات الموهوبين والمبدعين الذين يحتاجون لمن يأخذ بيدهم، وسيسعى المجمّع لأداء رسالته وفق البرامج والمشاريع التالية:

أولاً: تبني مشاريع المعرفة الجديدة ذات الجدوى الأكيدة

ثانياً: نقل المعرفة من مصادرها الأجنبية إلى اللغة العربية، وتوفيرها مجاناً للجامعات والمكتبات العامة، ومراكز الدراسات، ولكل منتجي المعرفة المهتمين.

ثالثا: تكوين المترجمين
من أبرز هموم الترجمة ندرة المترجمين الأكفاء، وسيساهم المجمّع في توسيع قاعدة المترجمين المؤهلين من خلال برامج تدريب الشبان والشابات العاملين في حقول الترجمة.

رابعاً: ميكنة الترجمة
سيدعم المجّمع جهود الباحثين في تطوير برامج الترجمة الآلية من أجل تعزيز قدرات الترجمة من وإلى اللغة العربية.

خامساً: برنامج التأليف باللغات الأجنبية:
معظم الكتب الأجنبية، التي تتناول شؤون العرب والمسلمين، يكتبها أجانب ويختارون موضوعاتها وفق مرجعياتهم واهتماماتهم الخاصة، وغالباً ما تقود الأحدث الجارية موضوعات الكتب واهتمامات المؤلفين والناشرين.

وإذا كان من حق الأجانب أن يكتبوا كما يشاؤون، فإن من واجب العرب والمسلمين إلا يتخلفوا عن تقديم أنفسهم وتراثهم وقضاياهم للعالم.

سيطلق المجمع برنامجاً لدعم التأليف باللغات الأجنبية، ليس فقط عن الأحداث الجارية والقضايا الساخنة، إنما أيضاً عن إنجازاتنا وطموحاتنا وحياتنا الزاخرة بالأشياء الجميلة، ونماذج الرجال والنساء الذين تشبه أحلامهم وأحزانهم ومعاناتهم وآمالهم بقية خلق الله.

لدينا حكايات إنسانية تستحق أن تُروى، وقصص نجاح تستحق أن تُكتب، وأماكن تستحق أن تُزار، حياتنا ليست جافة إلى هذا الحدث الذي تصوره كتابات الآخرين عنا.

سادساً: برنامج تعزيز قدرات دور النشر العربية
يستهدف هذا البرنامج مساعدة دور النشر على تحسين هياكلها وأنظمتها المالية والإدارية، وتطوير مهاراتها في التسويق والتوزيع وتوسيع دورها في اكتشاف المواهب واحتضان الإبداع.

سابعأً: مجلة الكتب الشهرية
يفتقد مجتمع المعرفة العربي مطبوعة متخصصة في متابعة وعرض إصدارات دور النشر العربية والأجنبية، وقد بدأت المؤسسة إجراءات إصدار مجلة شهرية متخصصة بمعايير أرقى المجلات العالمية المعروفة.

ثامناً: ستكون المؤسسة بيتاً وسنداً للمبدعين والموهوبين من خلال البرامج التالية:

أولاً: منح التفرغ للأدباء والباحثين والمفكرين، لتمكينهم من إنجاز مشاريع كتبهم وأعمالهم الجديدة.

ثانياً: جوائز الإبداع من أجل تكريم المبدعين في الآداب والأبحاث، سواء للأعمال الجديدة أو لمجمل الأعمال.

ثالثاً: برنامج ضيوف دبي:
ينظم البرنامج استضافة المبدعين في دبي لفترات تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، يحلون خلالها علينا ضيوفاً معززين مكرمين.

رابعاً: منح نشر أعمال الشبان والشابات الواعدين، حيث تتكفل المؤسسة بنشر الأعمال الجديرة ودعم توزيعها على المستوى العربي.

خامساً: منح التراث، وتستهدف دعم أبحاث التراث الهادفة إلى الكشف عن جوهره الحقيقي وتقديمه بأسلوب حديث وجذاب لأجيالنا الجديدة وللعالم.

أخواتي وإخواني..

أطمئن الجميع بأن المؤسسة قادرة على تنفيذ كل هذه المشاريع، ستدخل مشاريع عديدة حيز التنفيذ على الفور، وسيتم تنفيذ المشاريع الأخرى خلال سنة على الأكثر.

وقد وضعت المؤسسة أنظمة عمل تكفل حسن الإدارة والمتابعة، وستعمل مع لجان متخصصة تضم أبرز الكفاءات المسكونة بقضية المعرفة، والمشهود لها بالخبرة والنزاهة والإنجاز والسمعة الطيبة، وستدخل المؤسسة في شراكات برامجية مع الجامعات ومؤسسات الترجمة والنشر والأبحاث، ومع الجامعات الأهلية والمنظمات العربية والدولية ذات الصلة.

السيدات والسادة،

إذا كان عالمنا العربي والإسلامي حافلاً بالمشكلات والأزمات، فإنه حافل أيضاً بالإمكانيات والفرص والنماذج الناجحة، وفي العالمين العربي والإسلامي أكثر من ألف ومائتي مليون نسمة يتوفرون على طاقات وإمكانيات جبارة قادرة على صنع المعجزات، وأكثر من نصف هذا العدد دون سن الثامنة عشرة، هؤلاء هم وعد المستقبل الذي تتحمّل النخب السياسية والفكرية والتربوية والثقافية والاقتصادية مسؤولية إطلاق طاقاتهم، لتعطي وتنتج وتبدع وتكتب قصص النجاح، مثلما كتب أخواننا وأبناؤنا، وبعضهم معنا في هذه القاعة، قصص النجاح العلمي والمهني في امريكا وأوروبا.

إذا لم تنهض النخب بمسؤولياتها، فهي ليست جديرة بمواقعها، ولا بالميزات التي تحصل عليها، ولا بالمكانة التي تحوزها.
ليس لدينا في العالمين العربي والإسلامي وقت لغير العمل والإنتاج، إذا لم نبادر سنبقى تابعين وهامشيين، إذا لم يقم كل منا بواجبه سنبقى الضعفاء في هذا العالم، والغرباء عن التيار العريض للحضارة الإنسانية، والمعرضين للمزيد من الأزمات والتدخلات والإنكسارات والانشطارات.

ليتقن كل منا عمله، ليسأل نفسه قبل أن ينصح غيره، ليبادر بقدر استطاعته من دون أن ينتظر الآخرين، ليعمل بإخلاص وأمانة وإتقان، ليتسلح بالأمل والتفاؤل، ويتحرر من الفردية والأنانية وطغيان الوضع الشخصي، فالتحديات في عصرنا تتطلب مزيداً من التنظيم والتنسيق والعمل ضمن فرق ومؤسسات وهيئات وجماعات.

الأخوات والإخوة،

تستهدف مؤسستكم ترقية المعرفة في العالم الإسلامي أيضاً، وبعد أن تنطلق مشاريع المؤسسة في المجال العربي، ستتجه إلى المجال الإسلامي وجواره.

أجدد الترحيب بكم.. وثقتي كبيرة بأن أعمال مؤتمركم ستسفر عن نتائج إيجابية تسهم في إثراء خطط مؤسستنا ومشاريعها وبرامج عملها.

خذوا حريتكم في الحوار والنقاش، واقترحوا وبادروا، وتقدموا، لنعمل معاً من أجل ترقية المعرفة في منطقتنا، وتحقيق التقدم في بلداننا، وتوفير فرص الحياة الكريمة لأجيالنا الجديدة.

إنني أعتبر هذا المؤتمر بمثابة الجمعية العمومية لقيادات المعرفة وروادها ومنتجيها، وأعتبره أيضاً الهيئة الاستشارية لمؤسسة محمد بن راشد، واتطلع إلى انعقاده سنوياً، ليشارك في مراجعة خطط المؤسسة وتطويرها، وتقييم الأداء، وتقديم المبادرات، وإبداء الرأي في الأفكار والاقتراحات والمشاريع الجديدة، والإسهام في تنفيذها.

أرجو لكم التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -  - كلمة محمد بن راشد خلال إطلاقه مبادرة نور دبي الخبر التالي
03 سبتمبر, 2008

كلمة محمد بن راشد خلال إطلاقه مبادرة نور دبي