البحث شعبية

 صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم  - رسالة حالة الاقتصاد الوطني

20 يونيو, 2015

رسالة حالة الاقتصاد الوطني

الإخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أحببت في هذه الرسالة المختصرة إلقاء الضوء على حالة الاقتصاد الوطني في دولة الإمارات، بالإضافة لأهم توجهاتنا الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، وذلك قبيل صدور تقاريرنا الإحصائية السنوية، حرصاً على تعزيز الشفافية، وترسيخا لنهجنا في التواصل مع كافة المهتمين بحالة الاقتصاد، وإطلاقا لعادة سنوية سنتناول خلالها أهم المؤشرات والاتجاهات في الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات.

وقبل البدء في استعراض أهم المؤشرات والمتغيرات الاقتصادية، أود الإشارة لعدة نقاط رئيسية:

أولا: دولة الإمارات استعدت باكرا للكثير من السيناريوهات الاقتصادية العالمية، وبنت الكثير من سياساتها الاقتصادية لتكون مستعدة لمواكبة كافة هذه المتغيرات، حيث نوعت الدولة اقتصادها بعيدا عن النفط، وبنت علاقات متوازنة مع كافة القوى الاقتصادية العالمية ورسخت سياسة واضحة تقوم على الانفتاح والتعاون لتحقيق المصلحة لكافة الدول والشعوب.

ثانيا: كان العام 2014 هو العام الأقوى اقتصاديا لدولة الإمارات، وستستمر الدولة بنفس الأداء القوي في عام 2015 بإذن الله. لدينا اليوم قاعدة اقتصادية قوية ومتنوعة، وثقة عالية وراسخة في بيئة واستقرار الدولة، وخبرات متراكمة للتعامل مع أي متغيرات وتفاؤل كبير بالمستقبل وبجميع المشاريع التي أطلقناها.

ثالثا: لدينا جوار إقليمي بحاجة لحركة تنموية واقتصادية حقيقية، ولا بد من أخذ خطوات جدية لتحقيق تكامل اقتصادي خليجي لضمان استقرار المنطقة العربية كلها، وأقول بأن مستقبل منطقتنا العربية مرهون بتحقيق نهضة تنموية واقتصادية كبرى تقودها دول الخليج مجتمعة بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء.

رابعا: التحديات الكبرى التي تمر بها منطقتنا بحاجة لتنفيذ رؤية اقتصادية عربية واضحة، وإطلاق مشاريع اقتصادية ضخمة، واستغلال الموارد البشرية والطبيعية العربية بشكل أكثر فعالية. ولا بد من معالجة اختلالات المنطقة بشكل شامل اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، والتنمية الحقيقية المستدامة هي الضمان الرئيسي لاستقرار مستدام في المنطقة العربية.

الإخوة والأخوات:  
أنتقل معكم الآن لاستعراض أهم المؤشرات الاقتصادية الخاصة باقتصاد الدولة، حيث تظهر كافة المؤشرات والإحصائيات الواردة إلينا من المركز الوطني للإحصاء، والذي سيعلن عنها خلال الأيام القادمة بأن العام 2014 كان العام الأقوى اقتصاديا الذي مر على دولة الإمارات منذ التأسيس، حيث بلغت نسبة النمو في الناتج المحلي الحقيقي الإجمالي 4.6%، وبلغت تقديرات الناتج الإجمالي بالأسعار الجارية 1.47 تريليون درهم.

وتوقعاتنا هي بالاستمرار في تحقيق نمو قوي أيضا في العام الجاري 2015، حيث يستمر العمل بعدد كبير من مشاريع البنية التحتية كتوسعة المطارات الوطنية بمبالغ إجمالية تصل إلى 100 مليار درهم وشبكة قطار الاتحاد بمبالغ تصل لـ40 مليار درهم، بالإضافة للطرق والمواصلات والمرافق السياحية والبنية التحتية الإلكترونية والعقارات والخدمات المالية، وتشهد كافة القطاعات غير النفطية نموا إيجابيا خلال الربع الأول من العام الحالي 2015. كما أن الاستمرار في الإنفاق الحكومي والارتفاع الإيجابي في معدلات تكوين رأس المال الحكومي والخاص، والذي بلغ حوالي 350 مليار درهم في عام 2014  تشير أيضا إلى الاستمرار في تحقيق نمو قوي في العام 2015.

وستستمر دولة الإمارات أيضا في إستراتيجيتها طويلة الأمد في تنويع اقتصادها الوطني، حيث حققت القطاعات الاقتصادية غير النفطية في العام 2014 نموا قويا في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بلغ 8.1%، وبلغت مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني 68.6% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في العام 2014، ووضعنا كافة الخطط اللازمة للوصول لنسبة 80% في عام 2021 عبر الاستثمار المكثف في القطاعات الصناعية والسياحية والنقل الجوي والبحري والاستيراد وإعادة التصدير، بالإضافة لدعم كافة الأنشطة القائمة على الاقتصاد المعرفي واستحداث قطاعات جديدة كالاقتصاد الإسلامي والاستثمار في الابتكار وفي تطوير المحتوى، وغيرها من الأنشطة، وصولا لتنوع اقتصادي شامل في العام 2021 يرسخ الاستقرار الاقتصادي والمالي لدولة الإمارات بعيدا عن تقلبات بعض القطاعات الاقتصادية والتغيرات المستمرة في الاقتصاد العالمي.

واستمرت  دولة الإمارات أيضا في العام 2014 في استغلال موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية القوية في تعزيز أنظمة الاستيراد والتصدير، حيث لامس صادراتنا -شاملة إعادة التصدير- 376 مليار درهم، وبلغت الواردات حوالي  700 مليار درهم مستمرين بتصدر دول الشرق الأوسط كأكبر شريك تجاري لأهم 10 اقتصادات عالمية.

وقد حققت الخطط الإستراتيجية، التي أطلقناها منذ تولينا رئاسة الحكومة في العام 2006، العديد من أهدافها، حيث ارتفعت قيمة الإنتاج في الاقتصاد الوطني للدولة من1.3 تريليون درهم في العام 2006 إلى 2.5 تريليون درهم في العام 2014.

كما بلغ إجمالي القوى العاملة المواطنة في سوق العمل في العام 2014م 275 ألف مواطن، ونستهدف الوصل بحلول العام 2021 لـ460 ألف مواطن.

وارتفعت قيمة الإنتاج في القطاع الصناعي لتصل لحوالي 450 مليار درهم في العام 2014 ارتفاعا من 230 ملياراً في العام 2006، كما بلغت قيمة الإنتاج في قطاع التشييد والبناء 295 ملياراً في العام 2014 ارتفاعا من 155 مليار درهم في العام 2006.

واستمرت دولة الإمارات في العام 2014 في استقطاب العديد من الكفاءات متصدرة دول العالم كوجهة أولى لهذه الكفاءات حسب بعض الدراسات، وبلغ إجمالي الأجور التي تم صرفها للمشتغلين في العام 2014 مبلغ 410 مليارات درهم في كافة القطاعات، منها 82 مليار درهم في القطاع الحكومي.

وستستمر دولة الإمارات في تنفيذ خطة طويلة المدى لترسيخ انتقالنا لاقتصاد المعرفة - والذي نتصدر فيه عربيا في الوقت الحالي - حيث نستهدف مضاعفة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أضعاف قبل العام 2021، بالإضافة لزيادة أعداد العاملين في هذا القطاع من 22% حاليا إلى 40% خلال السنوات الست القادمة بإذن الله، والوصول بدولة الإمارات من الأول عربيا في الوقت الحالي على مؤشر الابتكار العالمي لتكون ضمن العشر الأوائل عالميا في 2021.

وأثر انخفاض أسعار النفط إيجابيا على النمو في العديد من قطاعاتنا الاقتصادية في العام 2014، حيث بلغ النمو بالأسعار الجارية في قطاع النقل والتخزين 10% ارتفاعا من 7.9% عن العام الذي سبقه، وفي تجارة الجملة والتجزئة 8%  ارتفاعا من 6.8 % عن العام الذي سبقه، وفي التشييد والبناء 6.1% ارتفاعا من 3.4%، وهذا ما يميز اقتصادنا الوطني المتوازن والذي لا يتأثر بشكل كبير بالانخفاض في أي من قطاعاته الرئيسية.

كما نما قطاع المشاريع المالية لدينا في العام 2014 بنسبة بلغت 15%، وبلغ حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 122 مليار درهم. واستمر أيضا قطاعنا المصرفي في نموه الإيجابي وتوسعاته، حيث بلغ إجمالي عدد المصارف والبنوك 57 مصرفا وبنكا، بالإضافة لـوجود 122 مكتبا تمثيليا لبنوك أجنبية و2.38 تريليون درهم إجمالي الأصول مع بداية العام الجاري.

وفي القطاع السياحي استمرت دولة الإمارات في إطلاق مجموعة كبيرة من المشاريع السياحية والوجهات الترفيهية على مستوى الدولة، وبلغ عدد السياح لجميع إمارات الدولة ما يقارب 20 مليون سائح حسب الإحصائيات الصادرة من الهيئات السياحية المحلية، ويستمر هذا القطاع في ترسيخ وضع الدولة كإحدى أهم الوجهات العالمية بدعم من قطاعات النقل والطيران وصناعة المعارض والتسويق وباستثمار مدروس لسمعة دولية وعلاقات صداقة رسختها الدولة عبر العقود الماضية مع العديد من شعوب العالم.

الإخوة والأخوات:
في ختام هذه الرسالة أود تأكيد أننا مستمرون في العمل على  تحقيق أفضل مستويات المعيشة لشعبنا، وأفضل بيئة لمستثمرينا، وأفضل وجهة لزائرينا.  وبأن دولة الإمارات مستمرة في نهجها المنفتح على جميع شعوب العالم بيئة مستقرة آمنة ومنتجة وداعمة لأية مبادرات إقليمية وعالمية تحقق الخير والاستقرار للشعوب.

محمد بن راشد آل مكتوم
نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي